للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجدال بالباطل هو سبيل أعداء الرسل، قال تعالى: ﴿مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ (٤)[غافر]، ويقولتعالاعنأعداءالرسل: ﴿وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ﴾ [غافر: ٥]، أما الجدال الذي يراد منه الوصول إلى الحق وإظهاره ودفع الباطل؛ فهذا مشروع، وهو من طرق الدعوة، كما قال : ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [النحل: ١٢٥]، وقال تعالى: ﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ﴾ [العنكبوت: ٤٦]، فالجدال بالبينات، وبالحُجج الظاهرات، والأدلة العقلية والسمعية، كل هذا من طرق الدعوة إلى الله ومن الجدال بالتي هي أحسن، وما خالف ذلك فهو من المراء المذموم.

وقوله: «ولا نجادل في القرآن»، يظهر أن هذا يدخل في قوله: «لا نماري في دين الله»، لكن عطفها على ما قبلها من عطف الخاص على العام، فلا نماري في دين الله، ولا نماري في القرآن، أي: لا نجادل فيه تكذيبًا، ولا نجادل في معانيه تحريفًا، لكن نحتج به ونستدل به؛ وهناك فرق بين الأسلوبين، فنجادل بالقرآن، أي: يكون القرآن هو السلاح الذي نجادل به، ونرد به على أهل الباطل؛ لكن لا نجادل فيه معارضةً لأخباره أو أحكامه، أو تكذيبًا أو تأويلًا له وصرفًا له عن ظاهره، فكل هذا من سبل الباطل، فأهل الباطل هم الذين يجادلون في آيات الله، كما قال : ﴿مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [غافر: ٤]، فيقولون: هذا سحر، هذا شعر، هذا كهانة؛ تكذيبًا له، ﴿الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى

<<  <   >  >>