للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه الشفاعة في أهل التوحيد لا تختص بالرسول لكن له من ذلك النصيب الأكبر والأعظم، فمن يخرج بشفاعته أكثر ممن يخرج بشفاعة غيره، وإلا فإنه «تشفع الملائكة، ويشفع النبيون، ويشفع المؤمنون» كل يشفع حسب ما يُحَدُّ له، فإنه لا أحد يشفع عنده إلا بإذنه .

وهذه الشفاعة تنكرها الخوارج والمعتزلة (١)؛ لأنها تناقض مذهبهم في تخليد أهل الكبائر في النار، فهم يقولون: إن أهل الكبائر مخلدون في النار، ويستحيل أن يخرجوا منها، واستدلوا بمثل قوله تعالى: ﴿فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (٤٨)[المدثر]، ﴿مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ (١٨)[غافر].

والشفاعة في إخراج عصاة الموحدين هي التي أشار إليها المؤلف؛ لأنها هي محل النزاع بين أهل السنة والخوارج والمعتزلة.

والرابعة: شفاعته في تخفيف العذاب عن عمه أبي طالب، فقد سأله عمه العباس فقال: يا رسول الله هل نفعت أبا طالب بشيء فإنه كان يحوطك ويغضب لك؟ قال: «نعم، هو في ضحضاح من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار» (٢).

فأبو طالب بشفاعته صار من أهون أهل النار عذابًا.

وبهذه يُعلم أن الشفاعة التي تذكر لها الشروط هي الشفاعة في خروج أهل التوحيد من النار، وهي متوقفة على شرطين:


(١) مجموع الفتاوى ١/ ١١٦، واقتضاء الصراط المستقيم ٢/ ٣٥٩.
(٢) رواه البخاري (٦٢٠٨)، ومسلم (٢٠٩).

<<  <   >  >>