للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فخذ عندئذ أختها وهي قولهم "حمد لله" التي كان أصلها "حمدًا لله" منصوبة بفعل محذوف، والتي عدل بها من النصب إلى الرفع على الابتداء للدلالة على ثبات معنى الحمد واستقراره، مع بقائها في معنى مِن معاني الشكر والدعاء. فإذا عرفتها تعريف الجنس فقلت: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} أفيقتضي ذلك تعريضًا أو توبيخًا أو تهكمًا! ! ! ألا يكون هذا عندئذ عجبًا من العجب المضحك.

ومن أجل تعريف الجنس ما أتعب الزمخشري نفسه في آية مريم وفي آية طه. وفي سورة الفاتحة من تفسير قوله: "الحمد لله" فاقرأه هناك وتدبره كل التدبر.

وأما مسألة حديث التشهد فأراك جُرْت فيها على الحق. ولقد قلت في مقالك: "أما أهل القبلة فتشهدهم بعد الصلاة مختلف عليه، فمنهم من يقول (سلام عليك) ومنهم من يقول (السلام عليك) ". وقبل كل شيء، فتشهد أهل القبلة لا يكون "بعد الصلاة" وهو "من الصلاة" ومن تركه أو بدَّل فيه بطلت صلاته. هذه واحدة، وأما الثانية، فاختلاف أهل القبلة ليس يقال كما رويتَ، فالصحابة جميعًا والتابعون من بعدهم، وأئمة المذاهب من عرفت منهم ومن لم تعرف، مذهبهم تعريف السلام في التشهد كله إلا (ابن عباس) من الصحابة، والشافعي من أصحاب المذاهب، فإنه ارتضى تشهد ابن عباس وآثره لأنه عنده (هو) أتم الروايات وأكملها، ولكنه لم ينكر التعريف، ولا استنكره المزنيّ ولا سواه من أئمة مذهبه. فلو أنت عنيت نفسك فرجعت إلى شرح البخاري كابن حجر (ج ٢ ص ٢٦١ وما بعدها) والعيني (ج ٦ ص ١٠٩ وما بعدها) لعرفت أن الصحابة والتابعين مجمعون على روايته بالتعريف في التشهد جميعًا، ولرأيت أن أكثر الصحابة قالوا في حديث التشهد إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعلمهم التشهد كما يعلمهم السورة من القرآن، ولرأيت النووي وهو من أصحاب الشافعي يقول: "قوله السلام عليك أيها النبي، يجوز في السلام في الموضعين حذف اللام وإثباتها، والإثبات أفضل". أبعد هذا يا سيدي تطالبني بأن أطلعك أنت "على نص يوثق به يشير إلى أنهم منذ زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقولون في