شيء مخجل، شيء مخجل جدا، أن يكون أول ما أكتبه لمجلة "العربي"، متعلقا بكلام نشر بها، وأن يكون هذا الكلام مما لا يُحسن السكوت عنه، لا لأنه يتعلق بى، بل لأنه يعطى قارئ هذه المجلة المتزنة الواسعة الانتشار، معلومات أقلّ ما يقال في شأنها إنها خطأ وإنها مضللة وقارئ مجلة العربي -كما أعلم- يثق ثقة مطلقة بما تمده به من معارف ومعلومات لأنه كان قد تعود ذلك منها منذ سنين، فأنا أخشى أن يكون كلامي هذا، مما يزعزع ثقة قارئها بها، فلذلك أحب أن أقدم بين يدي كلامي، عذر المجلة في نشر مثل هذه الأخطاء.
فهذه المجلة، كما تحترم قراءها، تحترم أيضا كُتابها، وُتحسِن الظن بهم، وأن هؤلاء الكُتاب لا يقدمون إليها إلا خلاصة صحيحة لعلمهم. وأنا على ثقة من أن جهازها لا ينشر كل ما يكتبه إليها الكاتبون ممن هبَّ ودب، بل تتحرى أن تنشر ما يكتبه المعروفون المشهود لهم بالأمانة والتمحيص، وعلى رأس هؤلاء -بطبيعة الحال- حملة شهادة الدكتوراه، الذين قطعوا مرحلة طويلة في ممارسة علومهم، وتمرسوا بالدقة والأناة والأمانة فيما يبحثون، وفيما يكتبون. وكاتب هذه المقالة التي نشرتها مجلة العربي، حامل لهذه الدرجة العلمية الرفيعة، فجهاز المجلة لا يستطيع أن يفترض الشك فيما يكتب، بل إن التجربة، تدلهم على أن حَمَلة هذه الدرجة العلمية أمناء فيما كتبوا قديما، وفيما يكتبون لها اليوم، فأجازوا المقالة وهم على ثقة من أن كاتبها لم يخط حرفا مما كتب، إلا بعد أن مرّ ما كتبه بمرحلة التمحيص: الأمانة والإعداد السليم، كما عوّدهم بقية الأساتذة الكُتاب الذين ينشرون فيها ما يكتبون. . ولكن لكل جواد كبوة. فهذا عذر مقبول إن شاء الله.
(*) مجلة "العربي"، العدد ٢٨٤ - يوليو ١٩٨٢، ص ١٨ - ٢٤. ولم يضع لها الأستاذ شاكر عنوانا، فجعلته كما ترى. وحق موضع هذه المقالة أن يكون بعد مجلة "الهلال"، ولكننى لم أحصل على المقالة إلا بعد طبع جميع المقالات، ولو جعلتها في حاق موضعها لأدى ذلك إلى إعادة ترقيم صفحات المقالات التي تتلوها، وأيضا صفحات فهرس الأعلام، وهذا أمر فيه من المشقة ما فيه.