لكون مودتهم راسخة في باطنه، وكونهم أقربَ الناس إليه كقرب الشِّعار من البدن، ولأنهم كانوا ذوي الأسرار كخفاء الشِّعار من الدِّثار.
"إنكم ستلقون بعدي أثرة"، وهو بالفتحات: اسم من الاستئثار، يعني: أمراؤكم تُفَضل عليكم مَنْ هو أدناكم، "فاصبروا"؛ أي على هذه الشدة، ولا تخالفوهم، "حتى تلقوني على الحوض".
* * *
٤٨٧٨ - عن أبي هُريرَةَ - رضي الله عنه - قال: كُنَّا معَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يومَ الفَتْح فقالَ:"مَن دَخَلَ دارَ أبي سُفْيانَ فهوَ آمِنٌ، ومَن أَلقَى السِّلاحَ فهوَ آمِنٌ"، فقالَتِ الأَنصْارُ: أمَّا الرَّجُلُ فقد أَخَذَتْهُ رَأْفةٌ بعشيرَتِهِ ورغبةٌ في قَرْيَتِهِ، ونزلَ الوحيُ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، قالَ:"قلتُم: أَمَّا الرَّجلُ أخذَتْهُ رأفةٌ بعشيرَتِهِ ورغبةٌ في قَرْيَتِهِ، قال: كلا! إنِّي عَبْدُ الله ورسولُه هاجَرْتُ إلى الله وإليكم، المَحْيَا مَحْيَاكُم، والمَمَاتُ مَمَاتُكم"، قالوا: والله ما قُلْنَا إلا ضنًّا بالله ورسولهِ، قال:"فإنَّ الله ورسولَه يُصَدِّقانِكم ويَعْذِرَانِكم".
"عن أبي هريرة قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح، فقال: مَنْ دخل دار أبي سفيان فهو آمن"، قيل: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أوذي بمكة فدخل دار أبي سفيان كان آمنًا فجازاه بمثل ذلك.
"ومَنْ ألقى السلاح فهو آمن"، وفيه دلالة على أن فتح مكة كان عَنْوة، لأن لفظ "آمن" إنما يستعمل في القهر.
"فقالت الأنصار: أما الرجل": يريد به النبي - صلى الله عليه وسلم -، "فقد أخذته رأفة"؛ أي رحمة وشفقة، "بعشيرته"؛ أي قبيلته، "ورغبة في قريته"؛ يعني مكة شَرَّفها الله تعالى.