"فنزل الوحيُ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: قلتم أما الرجل فقد أخذته رأفةٌ بعشيرته، ورغبة في قريته، كَلاً"، حرف ردع، أي: ليس الأمر كما توهَّمتم من إقامتي بمكة، بل هجرتي كانت إلى الله تعالى.
"إني عبدُ الله ورسوله"؛ يعني: كوني على هذه الصفة يقتضي أن لا أرغبَ إلى بلدة هاجرت منها بأمر الله تعالى.
"هاجرت إلى الله وإليكم"؛ يعني: قصدت في الهجرة إلى ثواب الله تعالى، وإلى دياركم، فلا أرجعُ عن الهجرة الواقعة لله تعالى.
"المَحيْا مَحياكم، والمَمَات مماتكم"؛ يعني: قصدي أن أحيا في بلدكم وأموت فيها ولا أفارقكم، "قالوا: والله! ما قلنا إلا ضَنًّا بالله ورسوله"؛ أي بخلًا وضنَّة بما أنعم الله تعالى علينا من شرف الجوار، والصحبة بك، وخشية على فَوت ذلك بميلك إلى أهلك.
"قال: فإن الله ورسوله يصدِّقانكم ويَعْذُرانكم"؛ أي يَقْبلان اعتذارَكم فيما تقولون من دعوى الضنة.
وفيه دلالة على جواز البخل بالعلماء والصلحاء، وعدم الرضا بمفارقتهم.
* * *
٤٨٧٩ - وعن أَنَسٍ - رضي الله عنه -: أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى صِبْيانًا ونِساءً مُقْبلينَ مِن عُرْسٍ، فقامَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ:"اللهمَّ! أنتُم مِن أَحَبِّ النَّاسِ إليَّ، اللهمَّ! أنتُم مِن أَحَبِّ الناسِ إليَّ، اللهمَّ! أَنْتُمْ مِنْ أَحَبِّ النّاسِ إِلَيَّ"، يعني: الأنصارَ.
"عن أنس - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى صبيانًا ونساء مقبلين"؛ أي حال كونهم متوجهين "من عرس" - بضم العين -: طعام الوليمة.
"فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال - صلى الله عليه وسلم -: اللهم أنتم مِنْ أحبِّ الناس إليَّ، اللهم أنتم