إلا خلَّفته" أي: تركته "وراء ظهري، ثم اتبعتهم أرميهم حتى ألقوا أكثر من ثلاثين بُردةً": وهي شملة مخططة، أو كساء أسود مربع صغير يلبسه الأعراب.
"وثلاثين رمحًا، يستخفُّون"؛ أي: يطلبون التحفة بإلقائها في الفرار.
"ولا يطرحون شيئًا، إلا جعلت عليه آراماً"؛ أي: أعلامًا.
"من الحجارة"؛ يعني: وضعت عليه حجارة؛ ليكون علمًا أن أحدًا أخذه من الكفار.
"يعرفها رسول الله وأصحابه"، وكان من عادة الجاهلية: أنهم إذا وجدوا شيئًا لم يمكنهم استصحابه، تركوا عليه حجارة يعرفونه بها، حتى إذا عادوا أخذوه، أو ليعلم من يأتي أن أحدًا أخذ من الكفار شيئًا، فيلحقه ويعينه.
"حتى رأيت فوارسَ رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم -، ولحق أبو قتادة فارسُ رسول الله بعبد الرحمن فقتله، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: خير فرساننا" جمع فارس.
"اليوم أبو قتادة، وخير رَجَّالتنا" بفتح الراء وتشديد الجيم: جمع راجل خلاف الفارس.
"سلمة بن الأكوع، قال"؛ أي: سلمة: "ثم أعطاني رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - سهمين: سهم الفارس، وسهم الراجل"، وإنما أعطاه - صلى الله عليه وسلم - سهم فارس مع سهم راجل؛ لأن معظم أخذ تلك الغنيمة كان بسبب سلمة، ويجوز للإمام أن يعطي من كثر سعيه في الجهاد شيئًا زائدًا على نصيبه؛ لترغيب الناس، وإنما لم يعطه - صلى الله عليه وسلم - الجميع؛ لأن من حضر الحربَ قبل انقضائها بنية الحرب، فهو شريكٌ في الغنيمة.
"فجمعهما"؛ أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - السهمين "لي جميعًا، ثم أردفني رسول الله وراءه"؛ أي: أركبني خلفه.