"أضلَّه الله": دعاء عليه أيضًا، أو إخبار؛ أي: ثبتت الضلالة له؛ فإنَّ طلبَ الشيءِ في غير محله ضلالٌ.
"وهو"؛ أي: القرآنُ "حبلُ الله"؛ أي: عهدُه، ويُستعار للوصل؛ أي: هو الوصلة التي يُوثَق عليها، فيتمسَّك به مَن أراد التجافي عن دار الغرور إلى دار السرور، والعناية به كالحبل الذي يتوصل به المتمسك إلى غرضه.
"المتين"؛ أي: القوي؛ يعني: هو السبب القوي المأمونُ الانقطاعِ، المؤدي إلى رحمة الربِّ.
"وهو الذِّكر"؛ أي: القرآنُ ما يُتذكَّر به؛ أي: يُتَّعَظ.
"الحكيم"؛ أي: المحُكَم آياتُه؛ أي: قوي ثابت لا يُنسَخ إلى يوم القيامة، ولا يَقدِر جميعُ الخلائق أن يأتوا بمثله؛ أي: ذو الحكمة في تأليفه.
"وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تَزِيغ به الأهواء"، وزَاغَ عن الطريق يَزِيغ؛ أي: عَدَلَ عنه؛ أي: لا يميل بسببه أهلُ الأهواء؛ أي: البِدَع، لا يصير به مبتدعًا أو ضالاًّ، أو من: الإزاغة، بمعنى: الإمالة، والباء للتعدية؛ أي: لا تميله الأهواء المُضلَّة عن نهج الاستقامة إلى الاعوجاج، كفعل اليهود بالتوراة من تحريف الكلم عن مواضعه؛ لأنه تعالى تكفَّل بحفظه، قال الله تعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر: ٩].
"ولا تلتبس الألسنة"؛ أي: لا يختلط به غيره، بحيث يشتبه كلامُ الربِّ تعالى بكلام غيره؛ لكونه كلامًا معصومًا، وقيل: إنه نزل بلسان عربي بين لا يلتبس بكلام عجمي، قال تعالى:{لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ}، فلا يُقرَأ بغيره من الألسنة المختلفة، وقيل: معناه: لا يتعسَّر على ألسنة المؤمنين تلاوته قال تعالى: {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ}.
"ولا يَشبَع منه العلماء"؛ أي: لا يحيط علمُهم بكُنهه، فكلما فكّروا تجَّلت لهم معانٍ جديدةٌ كانت في حُجُبٍ مَخفيةٍ.