ابن ماء: طائر، نسب إلى الماء بلزومه له. فإن نكّرت الماء تنكّر فقلت: ابن ماء، وإن عرّفته تعرّف فقلت: ابن الماء. وأنا أسوق شواهد بعض ذلك في كلام سيبويه إن شاء الله.
وإنما علم أن العرب ذهبت في هذه الأسماء مذاهب الأعلام والألقاب المعارف، أنّا رأينا ما كان منها فيها ما يمنع من صرف المعرفة لا يصرف، كأسامة وثعالة؛ لأن فيهما التأنيث والتعريف. وكذلك جعار وجيأل، وكذلك دألان،
لأن فيه الألف والنون الزائدتين والتعريف. وكذلك قثم لا ينصرف لأنه معدول عن قاثم وهو معرفة مثل: عمر. وما لم يكن فيه ما يمنع الصرف، فإنه لا تدخله الألف واللام، كابن عرس وابن بريح، لا يقال:
ابن العرس، ولا ابن البريح، كما لا تدخل الألف واللام على زيد وعمرو ومكّة وبغداد.
قال:" وإنما منع الأسد وما أشبهه أن يكون له اسم معناه معنى زيد، أن الأسد وما أشبهها ليست بأشياء ثابتة مقيمة مع الناس، فيحتاجوا إلى أسماء يعرفون بها بعضها مع بعض، ولا تحفظ جلاها كحفظ ما يثبت مع الناس ويقتنونه ويتّخذونه. ألا تراهم قد اختصّوا الخيل والإبل والغنم والكلاب وما يثبت معهم واتخذوه بأسماء كزيد وعمرو ".
قال:" ومنه- يعنى من المعارف- أبو جنادب (١) وهو شيء يشبه الجندب غير أنه أعظم منه، وهو ضرب من الجنادب، كما أنّ بنات أوبر ضرب من الكمأة، وهو معرفة. ومن ذلك ابن قترة، وهو ضرب من الحيّات، فكأنهم إذا قالوا: هذا ابن قترة، فقد قالوا: هذه الحيّة، التي من أمرها كذا وكذا، وإذا قالوا: بنات أوبر فكأنهم قالوا:
هذا الضرب الذي من أمره كذا وكذا من الكمأة، وإذا قالوا: هذا أبو جنادب فكأنهم قالوا: هذا الضرب الذي سمعت به أو رأيته ".
قال أبو سعيد: كأنّ تلقيب هذه الأشياء وتسميتها بهذه الأسماء المعارف في مذهب سيبويه، دلالة على الاسم وبعض صفاته وخواصه، ألا تراه قال: فكأنهم إذا قالوا: هذا ابن قترة فقد قالوا: هذا الحية الذي من أمره كذا وكذا، وكذلك هذا الضرب الذي من أمره كذا وكذا من الكمأة، وهذا مذهب حسن.