للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن قرية جاءها البأس قبل الهلاك، كما قالوا في قوله:

خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها (١)، ثم خلقكم منها.

وقد قيل: خلقكم من نفس وحدها، ثم جعل الزوج منها بعد التوحيد، فأفادت (واحدة) هذا المعنى.

قال: والأجود في قوله: وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ (٢) أن يريد أصلكم الذي هو آدم.

كما قال تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضى أَجَلًا (٣) معناه: خلق أصلكم الذي هو آدم من طين.

وقال الفراء في قوله تعالى: فَجاءَها بَأْسُنا (٤): إذا كان الشيئان يقعان في حال واحدة، نسقت بأيهما شئت على الآخر بالفاء، كقولك: أعطيتني فأحسنت، وأحسنت فأعطيتني لا فرق بين الكلامين، لأن الإحسان والإعطاء فيهما واحد.

قال أبو سعيد: وهذا شبه الذي بدأت به في تفسير الآية، لأنا متى جعلنا أحدهما شرطا، جاز أن يجعل الآخر جوابا، فدخل الفاء من حيث جاز أن يكون جوابا، كقولك:

إن أعطيت أحسنت، وإن أحسنت أعطيت، وإن تعط فأنت محسن، وإن تحسن فأنت معط.

وقال غير الفراء في قوله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ (٥):

معناه: ثم كان قد استوى على العرش قبل أن يخلق السموات والأرض، وهذا يشبه الجواب الذي حكاه الفراء في قوله تعالى: فَجاءَها بَأْسُنا (٦) وقالوا فيها جواب آخر على جعل (ثم) للتقديم، تقديره: هو الذي استوى على العرش ثم خلق السموات والأرض، كما قال تعالى: ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ ماذا يَرْجِعُونَ (٧) ومن هذا- أيضا- ما ادعاه


(١) سورة الزمر، الآية: ٦.
(٢) سورة الأعراف، الآية: ١١.
(٣) سورة الأنعام، الآية: ٢.
(٤) سورة الأعراف، الآية: ٤.
(٥) سورة الحديد، الآية: ٤.
(٦) سورة الأعراف، الآية: ٤.
(٧) سورة النمل، الآية: ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>