كان فعلا ماضيا، فهو على لفظ الفعل الماضي، وأما قوله:
(مررت برجل غيرك) فغيرك نعت يفصل بين من نعتّه بغير، وبين من أضفته إليه حتى لا يكون مثله أو لا يكون مر باثنين)، وذكر الفصل.
فإنه يعني: أن القائل إذا قال: مررت برجل، جاز أن يكون المخاطب ذلك الرجل، فإذا قال غيرك، صار غيره فغيره: نعت لمن مررت، وهو مضاف إلى الكاف، فقد فصلت بين الممرور به وبين المخاطب، ومعنى قوله:
(أو يكون مرّ باثنين)، لأنه لو قال: مررت بغيرك، جاز أن يكون مرّ باثنين، فقال:
برجل غيرك لئلا يتوهم بإسقاط المنعوت، أنه مرّ باثنين أو جماعة، ثم ذكر سيبويه:
(مررت حسن الوجه)، وقد مرّ ذلك في باب الصفة المشبهة باسم الفاعل.
قال: (ومما يكون نعتا للنكرة وهو مضاف إلى معرفة قول امرئ القيس:
بمنجرد قيد الأوابد لاحه ... طراد الهوادي كلّ شأو مغرّب) (١)
ومنه أيضا:
(مررت على ناقة عبر الهواجر)
قال أبو سعيد: معنى قيد الأوابد، أي: مقيد الوحش. والأوابد: الوحش الذي يصاد، وهذا الوحش إذا صادها لم تنج منه، فكأنه قيدها، ومعنى عبر الهواجر، أي: عابرة للهواجر يعبّرها السير إلى حيث يكون قصدها حينا.
والهواجر: جمع الهاجرة، وهي نصف النهار، والسير يصعب فيها، وأراد بذلك قوتها على السير في هذا الوقت، ثم قال سيبويه:
(ومما يكون مضافا إلى معرفة، ويكون نعتا للنكرة:
الأسماء التي أخذت من الفعل وأريد بها معنى التنوين). فإنه يريد به: أن الأسماء المأخوذة من الفعل وإن أضيفت بمعنى: سيفعل أو يفعل، فإضافتها تخفيف، وهي بمعناها نكرة غير مضافة، والنكرات ينعت بها نحو:
مررت برجل ضاربه رجل.
فهو بمعنى: يضربه في الحال، ويعني: سيضرب، وقوله: (ومثله: هذا عارض
(١) ديوانه: ٤٦.