للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا اضطر شاعر جاز أن يجريها مجرى حروف الجزاء كما قال (الشاعر):

ترفع لي خندف والله يرفع لي ... نارا إذا ما خبت نيرانهم تقد (١)

فإذا اضطر شاعر، فقال: " أزيد إذا تر تضرب "، امتنع النصب في " زيد "؛ لأنه لا يجوز أن يقدر " يضرب " قبل " إذا "، وقد جزمناها بالجواب، كما فعلنا ذلك في " إن ". وإن رفعنا " تضرب " ونوينا به التقديم نصبنا " زيدا " وصار

تقديره: " أتضرب زيدا إذا تر "، كما فعلنا ذلك في " إن ".

وفيه وجه آخر، وهو أن ترفع فتنوي الفاء التي تكون جوابا، فإذا قدّرت ذلك بطل النصب في " زيد "؛ لأنه لا يكون في نية التقديم حينئذ، وقد ذكرنا ذلك في " إن ".

قال: (وترفع الجواب حين يذهب الجزم من الأول في اللفظ والاسم مبتدأ هنا إذا جزمت، نحو قولك: " أيهم يأتك تضرب "، إذا جزمت؛ لأنك جئت ب " تضرب " مجزوما، بعد أن عمل الابتداء في " أيهم ولا سبيل له عليه، وكذلك هذا حيث جئت به مجزوما، بعد أن عمل فيه الابتداء، وأما الفعل الأول فصار مع ما قبله بمنزلة " حين " وسائر الظروف).

يعني: أنك إذا قلت: " إذا ترى "، فرفعت فعل الشرط في " إذا " رفعت الجواب؛ لأن " إذا " إنما يشبهها الشاعر " بإن "، فإذا رفع شرطها لم يجز أن يجزم الجواب؛ لأنه قد أخرجها برفع الشرط من شبه " إن "، فوجب أن يرفع الجواب.

وقوله: (الاسم مبتدأ هنا إذا جزمت).

يعني: إذا جزمت جواب إذا كان الاسم الذي قبل " إذا " مرفوعا بالابتداء، كقولهم:

" أيهم يأتك تضرب "، لما جزمت " تضرب " بالجواب لم يكن له تسلط على نصب أيهم، ولو لم يكن مجزوما قلت: " أيهم تضرب " كما قلت: " أزيدا إذا تر تضرب ".

وقوله: (لأنك جئت ب " تضرب " مجزوما بعد أن عمل الابتداء في " أيهم " ولا سبيل له عليه).

يعني لا سبيل للمجزوم على الاسم الذي قبل " إذا " كما لم يكن للمجزوم الذي في


(١) البيت للفرزدق في ديوانه ٢١٦، الأعلم ١/ ٤٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>