للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما كانت الألف هكذا حسن فيها من التقديم والتأخير ما لم يحسن في غيرها، فحسن أن تقول: " أزيدا ضربته "،

و" أزيدا ضربت "، ولا يحسن (في متى، وهل) أن تقول:

" هل زيدا ضربت " و " متى زيدا ضربت ". وإنما تقول: " هل ضربت زيدا "، و " متى ضربت زيدا ".

و" إن " في باب الجزاء بمنزلة الألف في باب الاستفهام، وذلك أنها تدخل في مواضع الجزاء كلها، وسائر حروف الجزاء، نحو: " من "، و " ما "، و " متى " لها مواضع مخصوصة، فلذلك حسن أن يليها الاسم في اللفظ، ويقدر له عامل.

وكذلك إن كان مرفوعا كقولك: " إن زيد أتاني أتيته ". قال الله تعالى: وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ (١) على معنى: وإن استجارك أحد من المشركين استجارك.

لم أنشد (قول النمر بن تولب:

لا تجزعي إن منفسا أهلكته ... وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي) (٢)

نصب " منفسا " بعد " إن " على إضمار: أهلكت منفسا أهلكته.

ويجوز: " إن منفس أهلكته " على معنى: إن هلك منفس أهلكته، فلا بد من تقدير فعل كيفما تصرفت به الحال.

قال: (وإن اضطر شاعر فأجرى " إذا " مجرى " إن " فجازى بها فقال: " أزيد إذا تر تضرب "، إن جعل " تضرب " جوابا. وإن رفع " تضرب " نصبه؛ لأنه لم يجعلها جوابا).

قال أبو سعيد: واعلم أن " إذا " عند سيبويه وأصحابه لا يجازي بها لفظا فتجزم شرطها وجوابها كما يفعل ذلك بحروف الجزاء، كما قال الشاعر: أي لذي الرمة:

تصغي إذا شدّها بالرّحل جامحة ... حتّى إذا ما استوى في غرزها تثب

فرفع " تثب "، ومع هذا ففيها معنى الجزاء.


(١) سورة التوبة، آية: ٦.
(٢) الخزانة ١/ ١٥٢، ٤٥٠، ٣/ ٦٤٢، ٤/ ٤١٠ الكامل للمبرد ٣/ ١٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>