للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا ثبت ذلك: فالتقديرُ هُنا: "اللهم باعِد بيني وبين خَطَايَاي كَما بَاعَدْت بين المشْرق والمغرب"، فـ" ما" المحذُوفة موصُولة. (١)

وهنا بحثٌ ذكره الشيخ أبو حيّان عند قوله تعالى في "سورة المائدة": {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} [المائدة: ١٠٦]، قال أبو عبد الله الرّازي: التقدير: "شهادة ما بينكم". (٢)

قال: ونظيره قوله تعالى: {هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} [الكهف: ٧٨]، أي: "ما بيني وبينك"، {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} [الأنعام: ٩٤] في قراءة مَن نَصَب. (٣)

واعتُرض بأنّ "ما" الموصولة لا تحذَفُ عند البصريين، ولو سلم فلا يصح حذفها مع الإضافة البتة؛ لأنّ الإضافة إليه أخرجته عن الظرفية وصيرته مفعولًا به على السعة، وليس قوله: {هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} [الكهف: ٧٨] نظيره، ولا قوله: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} [الأنعام: ٩٤] بالنّصب، لأنّ ذلك مُضَافٌ إليه، وهذا باق على ظرفيته، فيُمكن أن يتخيّل فيه تقدير "ما" دون الأوّل. انتهى. (٤)

وعلى ذلك: فـ"بين" في محلّ الصّلة، [ويتنزل] (٥) على ما قاله الرّازي من جَوَاز حَذْف الموصُول (٦)، وإلا فيجرى على ظاهره من غير تقدير.

قوله: " كما باعَدْت بين المشْرق والمغْرب": "كما" الكَافُ هنا نعْتٌ لمصدر محذوف، أي: "باعِد مُباعَدة مثل مُباعدة ما بين المشْرق والغْرب". وقيل: "الكَافُ"


(١) انظر: إرشاد الساري (٢/ ٧٧)، مرقاة المفاتيح (٢/ ٦٧١).
(٢) انظر: البحر المحيط (٤/ ٣٩٠)، مفاتيح الغيب، تفسير فخر الدين الرا زي، ط دار إحياء التراث العربي، (١٢/ ٤٥٠).
(٣) انظر: تفسير الرازي (١٢/ ٤٥٠)، البحر الحيط (٤/ ٣٩٠).
(٤) انظر: البحر المحيط (٤/ ٣٩٠).
(٥) غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "فتنزل".
(٦) راجع: شواهد التوضيح والتصحيح لابن مالك (ص ٢٦)، الهمع للسيوطي (١/ ٣٤٣)، أمالي ابن الحاجب (٢/ ٨٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>