للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقول الشّيخ: "وذَكَر قِصّة": فاعِلُ "ذَكَر" يحتمل أنْ يكُون الرّاوي عَن "أبي قتادة". فإن كان الرّاوي عنه: فكان ينبغي أن يذكُره الشّيخ؛ لئلا يعُود الضّمير على غير مذكُور. وإن كَان يعُود على "أبي قَتَادة": فلا إشْكَال.

قوله: "مَن قَتَلَ قَتِيلًا": "مَن" شَرْطيّة. والخبرُ عنها: جملة "قتَل"، وقيل: جَوَابه -وهو جملة: "فلَه سَلَبه"- تقَدّم ذَلك كُلّه وتكَرّر كثيرًا.

و"قَتيلًا": "فَعيلٌ" بمَعنى "مفعُول"، سُمّي به قبل قتْله بمَعنى: "مَا آل إليه". (١)

قَالَ ابنُ هشام: قيل: إنّ "فَعيل" و"مفْعُول" يفترقان مِن وَجْهَين: -

أحَدُهما: معْنَوي، وهُو أنّ "فَعيلا" أبْلَغ، نصّ على ذلك بَدْر الدّين ابن مالك، وأنه يُقَال لمَن جُرح في أُنْمُلِه: "مجْرُوح"، ولا يُقَال لَه: "جَرِيح". فعلى هَذا: "كَحيلٌ" أبْلَغ مِن "مَكْحُول".

قَالَ: والحقّ أنّ "فعيلا" إنما يقتضي المبالَغَة والتكرار إذا كان للفَاعِل لا للمفعُول، يدُلّ على ذَلك قَولهم: "قتيل"، والقَتلُ لا يتَفَاوت.


= فرحون "سيف من سيوف الله" في شيء من روايات هذا الحديث، وإنما الذي فيه: "فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَا لَكَ يَا أبَا قتَادَةَ؟ " فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: صَدَقَ يَا رَسُولَ اللهِ، سَلَبُ ذَلِكَ الْقَتِيلِ عِنْدِي، فَأَرْضِهِ مِنْ حَقِّهِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: لَاهَا اللهِ، إِذًا لَا يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسُدِ اللهِ، يُقَاتِلُ عَنِ اللهِ وَعَنْ رَسُولِهِ فَيُعْطِيكَ سَلَبَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "صَدَقَ، فَأَعْطِهِ إِيَّاهُ"، فَأَعْطَانِي". فالمراد كما ترى: أبا قتادة، وليس خالدًا، كما زَعَم الشيخ ابن فرحون -رحمه الله-.
أمّا الحديث الذي وَرَد فيه وصْف خَالد بهذا، فهُو: "أخَذَ الرَّايَةَ زَيدٌ ... حَتَّى أَخَذَ الرَّايَةَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ"، وهو في "صحيح البخاري" (٣٧٥٧، ٤٢٦٢)، مِن حَديثِ أنس.
(١) انظر: شرح الزرقاني على الموطأ (٣/ ٣٢)، إرشاد الساري (١٠/ ٥١)، شرح التسهيل (٣/ ٨٨)، شرح المفصل (٣/ ٢٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>