للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مضمضت"، ومعنى الحديث أن المضمضة مُقَدَّمة الشرب، وقد علمتم أنها لا تفطر، وكذا القبلة مقدمةٌ للجماع فلا تفطر، وحَكَى الخطابي وغيره عن ابن مسعود، وسعيد بن المسيب أن مَن قَبَّل قَضَى يوما مكان يوم القبلة. انتهى كلام النوويّ (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الحقّ هو ما عليه الجمهور من جواز القبلة للصائم؛ لهذا الحديث، إلا لمن خاف إفساد صومه. والله تعالى أعلم.

(ومنها): جواز إخبار الشخص عما يكون بينه وبين أهله من مثل ما ذُكِر على الجملة دون التفسير، فإن ذلك منهيّ عنه، فقد أخرج مسلم في "صحيحه" من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجلُ يُفضِي إلى امرأته، وتفضي إليه، ثم ينشر سرها".

(ومنها): ما كان عليه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- من حسن المعاشرة لأهله؛ قال الله: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: ٤]، وقال: "إنما بعثتُ لأتمم صالح الأخلاق" (٢)، وقال أيضًا: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي" (٣).

(ومنها): سماحة الشريعة، وسهولتها، قال الله عز وجل: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} الآية [الحج: ٧٨]. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

قال رحمه الله تعالى:

(وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَة وَغَيْرُهُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِر، قَالَ: "أَطْعَمَنَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لُحُومَ الْخَيْلِ، وَنَهَانَا عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ"، فَرَوَاه حَمَّادُ بْنُ زيدٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-).

(وَرَوَى) سفيان (بْنُ عُيَيْنَةَ) الإمام الحجة المكيّ، تقدّمت ترجمته (وَغَيْرُهُ) هو الحسين بن واقد المروزيّ، كما سيأتي بيانه (عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ) الجمحيّ المكيّ أحد الأعلام الحفّاظ، تقدّمت ترجمته (عَنْ جَابِر) بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاريّ السَّلَميّ الصحابيّ ابن الصحابيّ رضي الله تعالى عنهما، تقدّمت ترجمته، أنه (قَالَ:


= بن الخطاب: هَشَشْتُ، فقبّلت وأنا صائم، فقلت: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صنعت اليوم أمرًا عظيمًا، قبّلت وأنا صائم، قال: "أرأيت لو مضمضت من الماء، وأنت صائم" قال عيسى بن حماد في حديثه: قلت: لا بأس به، ثم اتفقا: قال: "فمه". انتهى.
وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال الصحيح.
(١) "شرح مسلم" ٧/ ٢١٥.
(٢) حديث صحيح أخرجه أحمد في "مسنده" رقم (٨٥٩٥).
(٣) حديث صحيح، أخرجه أبو داود رقم (٤٢٥٣) والترمذيّ رقم (٣٨٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>