للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ست ومائة، وهي بنت سبع وسبعين. وقال ابن أبي عاصم: ماتت سنة ثلاث ومائة. أخرج لها الجماعة. ولها في "صحيح مسلم" (٣٦) حديثًا.

(عَنْ عَائِشَةَ) أم المؤمنين -رضي الله عنها- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-.

خلاصة ما أشار إليه المصنّف رحمه الله تعالى بهذا المثال أن الإرسال يوجد بين المتلاقيين، بل ممن أكثر السماع من شخص، حيث إن عروة مع كثرة سماعه عن عائشة -رضي الله عنها- أرسل هذا الحديث، فأسقط الواسطة بينه وبين عائشة، وهي عمرة، فثبت بذلك أن السماع لا يمنع من إمكان الإرسال، فإذا كان كذلك، فلا فرق بينه وبين من عاصر، مع إمكان اللقاء، والسماع، فكما نحمل معنعنه على السماع فكذلك نحمل رواية المعاصر الموصوف بما ذُكر على السماع حتى يأتي ما يناقضه. هذا خلاصة ما أشار إليه رحمه الله تعالى.

وقد ناقشه الحافظ ابن رُشيد رحمه الله تعالى في هذا، فقال: ما نصّه:

ثم قلت: وروى هشام عن أبيه، عن عائشة: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا اعتكف يدني إليّ رأسه، فأرجله وأنا حائض"، فرواها بعينها مالك بن أنس، عن الزهري، عن عروة، عن عمرة، عن عائشة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

قلت: وهذا أيضا من ذلك القبيل (١) حَكَمتَ فيه أن من نقص عمرة، فهو مرسل، والصحيح في هذا الحديث أنه عند ابن شهاب، عن عروة وعمرة معًا، عن عائشة -رضي الله عنها-، وهو الذي اعتمده البخاري، فقال: حدثنا قتيبة قال: حدثنا ليث، عن ابن شهاب، عن عروة وعمرة بنت عبد الرحمن: أن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: "وإن كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليدخل عليّ رأسه، وهو في المسجد فأرجله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجته إذا كان معتكفًا" (٢).

وأما أنت فظهر من فعلك في كتابك أنك لم يَصْفُ عندك كَدَرُ الإشكال في هذا الحديث، فأوردت في كتابك حديثَ مالك مُصَدِّرًا به، بناءً على اعتقادك فيه الاتصال، وفي غيره الانقطاع، فقلت: حدثنا يحيى بن يحيى، قال: قرأت على مالك، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عمرة، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا اعتكف يُدني إليّ رأسه، فأُرجِّله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان".


(١) أي ما سبق له من الكلام في حديث عائشة -رضي الله عنها-: "كنت أطيّب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ... " الحديث.
(٢) انظر "صحيح البخاريّ" ٤/ ٢٧٣ بنسخة "الفتح".

<<  <  ج: ص:  >  >>