للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حنبل، وذكر قتادة، فأطنب في ذكره، فجعل ينشر من علمه، وفقهه، ومعرفته بالاختلاف والتفسير، ووصفه بالحفظ والفقه، وقال: قلما تجد من يتقدمه، أما المثل فلعل. وقال الأثرم: سمعت أحمد يقول: كان قتادة أحفظ أهل البصرة، لم يسمع شيئا إلا حفظه، وقرئ عليه صحيفة جابر مرة واحدة فحفظها، وكان سليمان التيمي وأيوب، يحتاجون إلى حفظه، ويسألونه، وكان له خمس وخمسون سنة يوم مات. وقال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين: ثقة. وقال أبو زرعة: قتادة من أعلم أصحاب الحسن. وقال أبو حاتم: أثبت أصحاب أنس الزهري، ثم قتادة، قال: وهو أحب إلي من أيوب، ويزيد الرشك إذا ذكر الخبر -يعني إذا صرح بالسماع. وقال ابن حبان في "الثقات": كان جمن علماء الناس بالقرآن والفقه، ومن حفاظ أهل زمانه، مات بواسط سنة (١١٧)، وكان مدلسا على قدر فيه. وقال عمرو بن علي: وُلد سنة (٦١) ومات سنة سبع عشرة ومائة. وقال أبو حاتم: توفي بواسط في الطاعون، وهو ابن ست، أو سبع وخمسين سنة بعد الحسن بسبع سنين. وقال أحمد بن حنبل عن يحيى بن سعيد: مات سنة (١١٧) أو (١٨).

وقال في "التقريب": ثقة ثبتٌ، رأس الطبقة الرابعة. انتهى.

أخرج له الجماعة، وله في "صحيح مسلم" (٢٤٧) حديثًا.

(فَقَالَ) قتادة (كَذَبَ) بتخفيف الذال: أي كذب فيما ادّعاه من السماع من البراء، وزيد، ونحوهم، وقوله: (مَا سَمِعَ مِنْهُمْ) "ما" نافية، والجملة تعليلية لما قبلها، فكأنه قال: لأنه لم يسمع منهم، وإنما جمع الضمير، مع أنه ذكر البراء، وزيد بن أرقم فقط؛ لأن مراده منهما، ومن أمثالهما، بدليل الرواية التالية، حيث قالوا: إن هذا يزعم أنه لقي ثمانية عشر بدريّا. ثم علّل عدم سماعه منهم، فقال: (إِنَّمَا كَان ذَلِكَ) أي أبو داود الأعمى (سَائِلًا، يَتَكَفَّفُ النَّاسَ) أي يسأل من الناس بكفّه، يقال: تكفّف الرجل الناس، واستكفّهم: إذا مدّ كفّه إليهم بالمسألة، وقيل: إذا أخذ الشيء بكفّه. قاله الفيّوميّ (١).

وقال النوويّ رحمهُ اللهُ تعالى: قوله: "يتكفف الناس" معناه: يسألهم في كفه، أو بكفه، ووقع في بعض النسخ "يتطفف" -بالطاء- وهو بمعنى "يتكفف": أي يسأل في كفه الطفيف، وهو القليل. وذكر ابن أبي حاتم في كتابه "الجرح والتعديل" وغيره: "يتنطف"، ولعله مأخوذ من قولهم: ما تنطفت به: أي ما تلطخت. انتهى (٢).

(زَمَنَ طَاعُونِ الْجَارِفِ) بنصب "زمن" على الظرفية ليتكفّف. والمراد أنه ليس ممن


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٥٣٦.
(٢) "شرح مسلم" ١/ ١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>