وقد طوّل البحث ابن القيّم، وطوّل نفسه في ذلك، ومال إلى ترجيح القول بوصول جميع أنواع القرب، وذكر أن مذهب أحمد، ومن وافقه أوسع المذاهب، يقولون: يصل إليه ثواب جميع القرب، بدنيّها وماليّها، والجامعُ للأمرين (١).
لكن الذي يظهر لي هو ما قدّمته. فتبصّر بالإنصاف، ولا تَتَهَوَّر بالاعتساف. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
١ - (محمد) بن عبد الله بن قُهْزَاذ المذكور قريبًا.
٢ - (عليّ بن شَقِيق) هو: علي بن الحسن بن شقيق بن ديناربن مِشْعَب -نُسِب هنا لجدّه- العبدي مولاهم، أبو عبد الرَّحمن المروزي، قَدِمَ شقيق من البصرة إلى خراسان. رَوَى عن الحسين بن واقد، وخارجة بن مصعب، وابن المبارك، وغيرهم. وروى عنه البخاري، وروى الباقون له بواسطة ابنه محمد، ومحمد بن عبد الله بن قهزاذ، ومحمد بن حاتم بن بزيع، وغيرهم. قال أبو داود عن أحمد: لم يكن به بأس، إلا أنهم تكلموا فيه في الإرجاء، وقد رجع عنه. وقال ابن معين: قيل له في الإرجاء، فقال: لا أجعلكم في حِلّ، ولا أعلم قدم علينا من خراسان أفضل منه، وكان عالما بابن المبارك. وقال الآجري عن أبي داود: وسمع بالكتب من ابن المبارك أربع عشرة مرّة. وقال أبو حاتم: هو أحب إلي من علي بن الحسين بن واقد. وقال أبو عمار الحسين بن حُريث: قلت له: هل سمعت "كتاب الصلاة" من أبي حمزة السُّكَّريّ؟ فقال: نعم سمعت، ولكن نَهق حمار يومًا، فاشتبه علي حديث، فلا أدري أيّ حديث هو؟ فتركت الكتاب كله. وقال العباس بن مصعب: كان جامعًا، وكان من أحفظهم لكتب ابن المبارك في كثير من رجاله، وتوفي سنة خمس عشرة ومائتين. وكذا أرّخ
(١) راجع "جامع الفقه" جمع يسري السيد محمد ٢/ ٥١٧ - ٥٤٩.