ويتمم مقاصدها، تقرُّ به عيونُ المحتاجين من رُوَّادها، فلا تَطمَحُ إلى غيره غالبًا، بل تأخذ منه جُلَّ مرادها، ولا أحب أن أطيل بوصفه البيان، بل أكتفي بلمح البنان، فالذكي يفهم بالإشارة، ما لا يفهمه الغبي بألف عبارة، والبليد لا يُفيده التطويل، ولو تُليت عليه التوراة والإنجيل، والمشاهدة، أعلى من الشهادة، وأقوى الوسائل في الإفادة.
[وسميته قرة عين المحتاج، في شرح مقدمة صحيح مسلم بن الحجاج].
واللهَ الكريم أسأل القبول، والإخلاص، وأن ينفعني به، وكل من تلقاه بقلب سليم يوم وقوع القصاص، إنه سميع قريب مجيب الدعوات، {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (٢٥)} {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.
اعلم: أنه ينبغي لي أن أُقَدِّم بين يدي الشرح التعريف بالإمام مسلم رحمه الله تعالى، وبيان درجة كتابه، وفضله، وشرطه، مستعينا بالله تعالى، ومستمدًّا مما كتبه الأئمة الأعلام:
كالإمام الحافظ أبي الفضل بن عمّار المتوفّى سنة (٣١٧ هـ) صاحب كتاب "علل أحاديث صحيح مسلم"، والحافظ أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسيّ (٤٤٨ - ٥٠٧ هـ) صاحب "شروط الأئمة الستة"، والإمام العلامة القاضي عياض المتوفّى سنة (٥٤٤)، والحافظ أبي بكر محمد بن موسى الحازميّ (٥٤٨ - ٥٨٤ هـ) صاحب "شروط الأئمة الخمسة"، والشيخ تقي الدين أبي عمرو عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان بن موسى المعروف بـ "ابن الصلاح" الشهرزوري (٥٥٧ - ٦٤٣)، والشارح المحدث الفقيه المحقق بلا نزاع، ومحرر المذهب الشافعي بلا دفاع، محيي الدين، أبي زكريا يحيى بن شرف ابن مري النووي الشافعي (٦٣١ - ٦٧٦)، والحافظ أبي عبد الله محمد بن عمر بن محمد ابن رُشَيد الفهريّ (٦٥٧ - ٧٢١ هـ)، والإمام الحافظ الناقد الكبير أبي الحجاج المزيّ (٦٥٤ - ٧٤٢)، والإمام الحافظ الناقد البصير، والمؤرخ الكبير، شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي الدمشقي (٦٧٣ - ٧٤٨)، والإمام الحافظ زين الدين عبد الرحمن بن أحمد المعروف بابن رجب الحنبليّ (٧٣٦ - ٧٩٥ هـ)، والإمام الحافظ الجِهْبذ حذَام المحدثين في المتأخرين، أبي الفضل شهاب الدين أحمد ابن علي بن محمد الكناني العسقلاني المصري (٧٤٩ - ٨٥٢)، وهو المراد عند إطلاق لفظ الحافظ في هذا الشرح، وغيره من مؤلفاتي، وغير هؤلاء من الجهابذة النُقّاد، والأئمة الأمجاد، رحمهم الله تعالى وإيانا، ورضي عنهم وعنا، بعفوه، وكرمه آمين.