بُدّ، وعلمنا أن المحاملي كذلك رواه، وإنما سقط من كتاب شيخنا، وقلنا له ما فيه "يعني"؛ لأن ابن مهدي لم يقل لنا ذلك، قال: وهكذا رأيت غير واحد من شيوخنا يفعل في مثل هذا، ثم رَوَى عن وكيع، قال: أنا أستعين في الحديث بـ "يعني"، هذا إذا عُلم أن شيخه رواه له على الخطأ، فأما إن رواه في كتاب نفسه، وغلب على ظنه أن السقط من كتابه، لا من شيخه، فيتجه حينئذ إصلاحه في كتابه، وفي روايته عند تحديثه كما تقدم عن أبي داود.
كما إذا دَرَسَ من كتابه بعضُ الإسناد، أو المتن، بتقطع، أو بَلَلٍ، ونحوه، فإنه يجوز له استدراكه من كتاب غيره، إذا عَرَفَ صحتَهُ، ووثِقَ به، بأن يكون أخذه عن شيخه، وهو ثقة، وسكَنَت نفسه إلى أن ذلك هو الساقط، كذا قال أهل التحقيق، وممن فعله نُعيم بن حماد، ومنعه بعضهم، وإن كان معروفا محفوظا، نقله الخطيب عن أبي محمد بن ماسي، وبيانه حال الرواية أولى، قاله الخطيب.
وهكذا الحكم في استثبات الحافظ ما شك فيه، من كتاب غيره من الثقات، أو حفظه، كما رُوي عن أبي عوانة، وأحمد، وغيرهما، ويحسن أن يبين مرتبته، كما فعل يزيد بن هرون وغيره، ففي "مسند أحمد": حدثنا يزيد بن هرون، أنا عاصم بالكوفة، فلم أكتبه، فسمعت شعبة يحدث به، فعرفته به، عن عاصم، عن عبد الله بن سَرْجِسَ، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كان إذا سافر قال:"اللهم إني أعوذ بك من وَعْثاء السفر"، وفي غير "المسند" عن يزيد: أنا عاصم، وثبتني فيه شعبة.
فإن بَيّن أصل التثبت من دون من ثبّته فلا بأس، فَعَلَه أبو داود في "سننه" عقب حديث الحكم بن حزن، قال ثَبّتني في شيء منه بعض أصحابنا.
وإن وَجَدَ في كتابه كلمةً من غريب العربية، غير مضبوطة، أَشكَلَت عليه، جاز أن يسأل عنها العلماء بها، ويرويها على ما يُخبرونه به، فَعَلَ ذلك أحمد، وإسحق، وغيرهما. ورَوَى الخطيب عن عفّان بن سلمة، أنه كان يجيء إلى الأخفش، وأصحاب النحو، يَعْرِض عليهم نحو الحديث، يُعْرِبه. انتهى ما في "التدريب" ببعض تصرّف. (١).
وإلى ما تقدّم كلّه أشار السيوطيّ رحمهُ اللهُ تعالى في "ألفية الحديث"، حيث قال: