للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو الصحيح. وقال ابن الصلاح رحمه الله تعالى: ينبغي أن يكون فيه خلاف، كالخلاف في تقديم بعض المتن على بعض، فإن الخطيب حكى فيه المنع؛ بناء على منع الرواية بالمعنى، والجوازَ بناء على جوازها. وتعقّبه البلقينيّ، فقال: هذا التخريج ممنوع، والفرق أن تقديم بعض الألفاظ على بعض يؤدّي إلى الإخلال بالمقصود في العطف، وعود الضمير، ونحو ذلك، بخلاف تقديم السند كله، أو بعضه، فلذلك جاز فيه، ولم يتخرّج على الخلاف. انتهى ببعض تصرّف (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: تعقُّبُ البلقينيّ رحمه اللهُ تعالى هذا وجيه. والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: نقل في "التدريب" عن الحافظ رحمه الله تعالى أنه قال: تقديم الحديث على السند يقع لابن خزيمة رحمه الله تعالى إذا كان في السند من فيه مقال، فيبتدىء به، ثم بعد الفراغ يذكر السند، وقد صرّح ابن خزيمة بأن من رواه على غير ذلك الوجه لا يكون في حلّ منه، فحينئذ ينبغي أن يُمنع هذا، ولو جوّزنا الرواية بالمعنى. انتهى (٢).

وإلى ما ذُكر أشار السيوطيّ رحمه اللهُ تعالى في "ألفية الحديث"، فقال:

وَسَابِقٌ بِالْمَتْنِ أَوْ بَعْضِ سَنَدْ ... ثُمَّ يُتِمُّهُ أَجِزْ فَإِنْ يُرَدْ

حِينَئِذٍ تَقْدِيمُ كُلِّهِ رَجَحْ ... جَوَازُهُ كَبَعْضِ مَتْنٍ فِي الأَصَحّ

وَابْنُ خُزَيْمَةَ يُؤَخِّرُ (٣) السَّنَدْ ... حَيْثُ مَقَالٌ فَاتَّبِعْ وَلَا تَعَدّ

والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.

٢ - (بَابٌ فِي التَّحْذِيرِ مِنَ الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم-)

قال المصنف رحمه اللهُ تعالى بالسند المتصل إليه في أول الكتاب:

٢ - (وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيِّ ابْنِ حِرَاشٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيًّا رَضِي اللَّهُ عَنْهُ يَخْطُبُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لَا تَكْذِبُوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ يَكْذِبْ عَلَيَّ يَلِجِ النَّارَ").


(١) راجع "تقريب النووي" مع "تدريب الراوي" ٢/ ١١٨ تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف.
(٢) راجع "التدريب" ٢/ ١١٩.
(٣) وقع في نسخ "الألفيّة": "يقدّم السند"، وهو غلطٌ، والصواب: "يؤخّر السند"، فتنبّه.

<<  <  ج: ص:  >  >>