للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القيس، وشهد تلك الفتوح، وقال البغوي: حدّثني حمزة بن مالك الأسلمي، حدثني عمي شيبان بن حمزة، عن دُوَيد، عن المطلب بن حنطب قال: قال المغيرة: أنا أول من رشا في الإسلام، جئت إلى يَرْفَأ حاجب عمر، وكنت أجالسه، فقلت له: خذ هذه العمامة فالبسها، فإن عندي أختها، فكان يَأْنَس بي، ويأذن لي أن أجلس من داخل الباب، فكنت آتي، فأجلس في القائلة، فيمرّ المارّ، فيقول: إن للمغيرة عند عمر منزلة، إنه ليدخل عليه في ساعة لا يدخل فيها أحد. وذكر البغوي من طريق زيد بن أسلم، أن المغيرة استأذن على عمر، فقال أبو عيسى، قال: من أبو عيسى؟ قال: المغيرة بن شعبة، قال: فهل لعيسى من أب؟ فشهد له بعض الصحابة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يكنيه بها، فقال: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- غُفر له، وإنا لا ندري ما يُفعل بنا، وكناه أبا عبد الله. وأخرج البغوي من طريق هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: استعمل عمر المغيرة على البحرين، فكرهوه، وشَكَوا منه، فعزله، فخافوا أن يعيده عليهم، فجمعوا مائة ألف، فأحضرها الدِّهْقان إلى عمر، فقال: إن المغيرة اختان هذه، فأودعها عندي، فدعاه، فسأله، فقال: كذب، إنما كانت مائتي ألف، فقال: وما حملك على ذلك، قال كثرة العيال، فسُقِطَ في يد الدّهقان، فحلف وأكد الأيمان أنه لم يودع عنده قليلا ولا كثيرا، فقال عمر للمغيرة: ما حملك على هذا؟ ، قال: إنه افترى عليّ، فأردت أن أُخزيه. وأخرج ابن شاهين من طريق كثير بن زيد، عن المطلب -هو ابن حنطب- عن المغيرة، قال: كنت آتي، فأجلس على باب عمر، أنتظر الإذن على عمر، فقلت ليرفأ، حاجب عمر: خذ هذه العمامة فالبسها، فإن عندي أختها، فكان يأذن لي أن أقعد من داخل الباب، فمن رآني قال: إنه ليدخل على عمر في ساعة لا يدخل فيها غيره. وقال ابن سعد: كان رجلا طوالا، مصاب العين، أصيبت عينه باليرموك، أصهب الشعر، أقلص الشفتين، ضخم الهامة، عَبْلَ الذراعين، عريض ما بين المنكبين، وكان يقال له: مغيرة الرأي. ومن طُرف أخبار المغيرة -رضي الله عنه- أنه حكي عنه أنه أحصن في الإسلام ثلاثمائة امرأة، وقيل: ألف امرأة (١).

وقال البخاري في "التاريخ": قال أبو نعيم، عن زكريا، عن الشعبي: انكسفت الشمس في زمن المغيرة بن شعبة، يوم الأربعاء في رجب، سنة تسع وخمسين، فقام المغيرة، وأنا شاهد، فذكر القصة، كذا قال، والصواب: سنة تسع وأربعين. قاله في "الإصابة" (٢). وفي "تهذيب التهذيب": وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: توفي سنة تسع وأربعين، وهو أميرها. وقال ابن سعد، وأبو حسان الزيادي، وغير واحد: مات سنة


(١) راجع "شرح النووي" ١/ ٦٣.
(٢) "الإصابة" ٩/ ٢٦٩ - ٢٧١. و"سير أعلام النبلاء" ٣/ ٢١/ ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>