وكلهم من رجال الجماعة، إلا الأشدق، فما أخرج له البخاريّ إلا في "خلق أفعال العباد". وأما يحيى بن سعيد العطّار الأنصاريّ الشامي، فليس من رجال الكتب الستة، وإنما ذُكر في كتب الرجال تمييزًا، وهو ضعيف من الطبقة التاسعة. والله تعالى أعلم.
(وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ) الإمام الحجة المشهور، وهذا أول محل ذكره في هذا الكتاب.
هو: عبد الرحمن بن مهدي بن حسان بن عبد الرحمن العنبري، وقيل: الأزدي مولاهم، أبو سعيد البصري اللؤلؤي، الحافظ الإمام العلم، ثقة ثبت حافظ، عارف بالرجال والحديث.
قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله، يسأل عن عبد الرحمن بن مهدي، أكان كثير الحديث؟ فقال: قد سمع، ولم يكن بذاك الكثير جدا، لكن الغالب عليه حديث سفيان، وكان يشتهي أن يسأل عن غيره، من كثرة ما يسأل عنه، فقيل له يتفقه، قال: كان أوسع فيه من يحيى بن سعيد، كان يحيى يميل إلى قول الكوفيين، وكان عبد الرحمن يذهب إلى بعض مذاهب أهل الحديث، وإلى رأي المدنيين، فذكر لأبي عبد الله عن إنسان أنه يحكي عنه القدر، قال: ويحل له أن يقول هذا؟ هو سمع هذا منه؟ ، ثم قال: يجيء إلى إمام من أئمة المسلمين، يتكلم فيه؟ ، قيل لأبي عبد الله: كان عبد الرحمن حافظا؟ فقال: حافظ، وكان يتوقى كثيرا، كان يحب أن يحدث باللفظ. وقال حنبل عن أبي عبد الله: ما رأيت بالبصرة مثل يحيى بن سعيد، وبعده عبد الرحمن، وعبد الرحمن أفقه الرجلين، وقال أيضا: إذا اختلف وكيع وعبد الرحمن، فعبد الرحمن أثبت؛ لأنه أقرب عهدا بالكتاب. وقال أحمد بن الحسن الترمذي: سمعت أحمد يقول: اختلف ابن مهدي ووكيع في نحو خمسين حديثا، فنظرنا، فإذا عامه الصواب في يد عبد الرحمن. وقال صالح بن أحمد عن أبيه: كان عبد الرحمن أكثر عددا لشيوخ سفيان من وكيع، وروى وكيع عن خمسين شيخا، لم يرو عنهم عبد الرحمن، قلت: فأبو نعيم؟ قال: أين يقع من هؤلاء؟ . وقال محمد بن عثمان بن أبي صفوان، عن ابن مهدي: كُتِب عني الحديث، وأنا في حلقة مالك. وقال صدقة بن الفضل: سألت يحيى بن سعيد عن حديث؟ فقال: الزم عبد الرحمن بن مهدي. وقال أبو حاتم عن أبي الربيع الزهراني: ما رأيت مثل عبد الرحمن، ووصَفَ منه بَصَرًا بالحديث. وقال العجلي: وذكر عبد الرحمن بن مهديّ، قال له رجل: أيما أحب إليك، يغفر الله لك ذنبا، أو تحفظ حديثا، قال: أحفظ حديثا. وقال علي بن المديني: إذا اجتمع يحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي على ترك رجل، لم أحدث عنه، فإذا اختلفا أخذت بقول عبد