وكذا ذكر الحميدي في "الجمع بين الصحيحين"، وفي "الموطأ": (حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي .. سعى حتى خرج منه) وهو بمعنى رمل، هذا كلام القاضي عياض، وقد وقع في بعض نسخ "صحيح مسلم": (حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي .. سعى) كما وقع في "الموطأ" وغيره، وعلى هذه النسخة فلا إِسْقاطَ ولا إِشكالَ؛ كما هو ثابت في نسختنا هذه، والله أعلم.
وفي هذا الحديث: استحباب السعي الشديد في بطن الوادي حتى يصعد، ثم يمشي باقي المسافة إلى المروة على عادة مشيه، وهذا السعي مستحب في كل مرة من المرات السبع؛ في هذا الموضع، والمشي مستحب فيما قبل الوادي وبعده، ولو مشى في الجميع، أو سعى في الجميع .. أجزأه وفاتته الفضيلة، هذا مذهب الشافعي وموافقه، وعن مالك فيمن ترك السعي الشديد في موضعه روايتان؛ إحداهما: كما ذكر، والثانية: تجب عليه إعادته انتهى "نووي".
وفي "الدر المختار" ناقلًا عن "اللباب": ويستحب أن يكون السعي بين ميلين فوق الرمل دون العدو، وهو في كل شوط؛ أي: بخلاف الرمل في الطواف؛ فإنه مختص بالثلاثة الأول، خلافًا لمن جعله مثله؛ فلو تركه أو هرول في جميع السعي .. فقد أساء، ولا شيء عليه، وإن عجز عنه .. صبر حتى يجد فرجة، وإلا .. تشبه بالساعي في حركته، وإن كان على دابةٍ .. حركها من غير أن يؤذي أحدًا. انتهى منه.
(ففعل) النبي صلى الله عليه وسلم (على المروة، كما فعل على الصفا) من الأذكار والدعاء، فيه أنه يسن عليها من الذكر والدعاء والرقي مثل ما يسن على الصفا، وهذا متفق عليه.