({مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ})(١)؛ أي: من أعلام دينه؛ جمع شعيرة؛ وهي العلامة التي جعلت للطاعات المأمور بها في الحج عندها؛ كالوقوف والمبيت والرمي والطواف والسعي، سميت شعيرة؛ لما تستشعر به تلك المواضع من أعمال الحج؛ أي: تعلم، أو لما يستشعر هناك من تعظيم الله تعالى والقيام بوظائفه.
والسعي بين الصفا والمروة ركن من أركان الحج والعمرة عند جمهور العلماء ما خلا أبا حنيفة؛ فإنه لم يره فيهما واجبًا.
ثم قال:(نبدأ بما بدأ الله به) بصيغة المتكلم؛ أي: وقال: أبدأ بما بدأ الله به في كتابه؛ يعني: أبتدئ بالصفا؛ لأن الله تعالى بدأ بذكره في كتابه، فالترتيب الذكري له اعتبار في الأمور الشرعية؛ إما وجوبًا أو استحبابًا، وإن كانت الواو لمطلق الجمع في الآية.
قال السندي: قوله: "نبدأ بما بدأ الله به" يفيد: أن بداية الله تعالى ذكرًا تقتضي البداءة عملًا، والظاهر أنه يقتضي ندب البداءة عملًا لا وجوبًا، والوجوب فيما نحن فيه من دليل آخر. انتهى.
وقال النووي: في هذا اللفظ أنواع من المناسك؛ منها: أن السعي يشترط فيه أن يبدأ من الصفا، وبه قال الشافعي ومالك والجمهور، وقد ثبت في رواية النسائي في هذا الحديث بإسناد صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ابدؤوا بما بدأ الله به" هكذا بصيغة الجمع، ومنها: أنه ينبغي أن يرقى على الصفا والمروة، وفي هذا الرقي خلاف؛ قال جمهور أصحابنا: هو سنة ليس بشرط ولا واجب؛ فلو تركه .. صح سعيه، لكن فاتته الفضيلة، وقال أبو حفص بن الوكيل من أصحابنا: لا يصح سعيه حتى يصعد على شيء من الصفا، والصواب: الأول.