للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَيَنْظُرُ أَمَامَهُ فَتَسْتَقْبِلُهُ النَّارُ، وَيَنْظُرُ عَنْ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا شَيْئًا قَدَّمَهُ، وَيَنْظُرُ عَنْ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا شَيْئًا قَدَّمَهُ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَّقِيَ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ".

===

(فينظر) أحدكم حينما كلمه ربه تعالى (أمامه) أي: قدامه (فتستقبله النار، وينظر عن أيمن منه) أي: إلى جانبه الأيمن (فلا يرى إلا شيئًا قدمه) في الدنيا من أعماله الصالحة (وينظر عن أشأم منه) أي: إلى جانبه الشمال (فلا يرى إلا شيئًا قدمه) من أعماله السيئة، والفاء في قوله: (فمن استطاع منكم) فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر؛ تقديره: إذا سمعتم ما قلت لكم، وأردتم بيان ما تتقون به من تلك النار. . فأقول لكم: من استطاع وقدر منكم (أن يتقي) ويستتر من تلك (النار، ولو) كان اتقاؤه واستتاره منها (بشق تمرة) - بكسر الشين المعجمة - أي: بنصف حبَّة تمرة؛ أي: ولو كان الاتقاء بتصدق نصف حبَّة تمرة. انتهى من "المبارق". (فليفعل) ذلك الاتقاء والاستتار منها.

وفي "فتح الملهم": قوله: "فينظر أيمن منه، فلا يرى إلا ما قدم" أي: ما قدمه من أعماله السيئة، وفي رواية محلّ بن خليفة: "فينظر عن يمينه، فلا يرى إلا النار، وينظر عن شماله، فلا يرى إلا النار"، ورواية خيثمة هي المعتمدة في ذلك، وقوله: (أيمن وأشأم) بالنصب فيهما على الظرفية في رواية إسقاط الجار، والمراد بهما: اليمين والشمال، قال ابن هبيرة: نظر اليمين والشمال هنا كالمثل؛ لأنَّ الإنسان من شأنه إذا دهمه أمر. . أن يلتفت يمينًا وشمالًا، يطلب الغوث.

قلت: ويحتمل أن يكون سبب الالتفات أنَّه يترجى أن يجد طريقًا يذهب فيها؛ ليحصل النجاة من النار، فلا يرى إلا ما يفضي به إلى النار؛ كما في رواية محلّ بن خليفة، كذا في "الفتح".

<<  <  ج: ص:  >  >>