قوله:"فينظر أمامه" أي: تلقاء وجهه "فلا يرى إلا النار"، قال ابن هبيرة: والسبب في ذلك: أن النار تكون في ممره، فلا يمكنه أن يحيد عنها؛ إذ لا بد له من المرور على الصراط، وفيه دليل على قرب النار من أهل الموقف، وقد أخرج البيهقي في "الشعب" من مرسل عبد الله بن باباه بسند رجاله ثقات رفعه: "كأني أراكم بالكوم جثىً من دون جهنم"، قوله:"جثىً" -بضم الجيم بعدها مثلثة مقصورًا- جمع جاثٍ، والكوم -بفتح الكاف وسكون الواو-: المكان العالي، الذي يكون عليه أمة محمَّد - صلى الله عليه وسلم -؛ كما ثبت في حديث كعب بن مالك عند مسلم:(أنهم يكونون يوم القيامة على تل عالٍ).
قوله:"ولو بشق تمرة" - بكسر المعجمة -: نصفها أو جانبها؛ أي: اجعلوا بينكم وبينها وقايةً من الصدقة وعمل بر، ولو بشيء يسيرٍ، وفي الحديث: الحث على الصدقة بما قل وما كثر، وألا يحتقر ما يتصدق به، وأن اليسير من الصدقة يستر المتصدق من النار.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الزكاة، باب الصدقة قبل الرد، ومسلم في كتاب الزكاة، باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة، والترمذي في كتاب صفة القيامة والرقائق والورع، باب في القيامة، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وأحمد والدارميُّ والدارقطني.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي هريرة.
ثمَّ استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي هريرة بحديث سلمان بن عامر الضبي رضي الله تعالى عنهما، فقال: