للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قَالَ: صَدَقْتَ، فَعَجِبْنَا مِنْهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ؛ مَا الْإِحْسَانُ؛ قَالَ: "أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ،

===

{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} (١)، وقوله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (٢)، ويدل عليه إجماع السلف والخلف على صدق قول القائل: ما شاء الله .. كان، وما لم يشاء .. لم يكن، وقوله صلى الله عليه وسلم: "كل شيء بقدر حتى العجز والكيس"، رواه مسلم ومالك في "الموطأ" من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، وقد بسطنا الكلام هنا بما لا مزيد عليه في "الكوكب الوهاج"، فراجعه.

(قال) الرجل السائل: (صدقت) يا محمد؛ أي: نطقت كلامًا صادقًا فيما أخبرت به من الإيمان، قال عمر بن الخطاب: (فعجبنا منه) أي: من حال الرجل حالة كونه (يسأله) كأنه جاهل، (ويصدقه) كأنه عالم، (ثم قال) الرجل ثالثًا: (يا محمد؛ ما الإحسان؟ ) أي: ما حقيقة الإحسان؛ لأنه سؤال عن حقيقته ليعلمها الحاضرون، كالذي قبله، قال القاضي عياض: يعني بالإحسان: الإخلاص؛ لأنه فسره بما معناه ذلك، وقال الأبي: وقيل: يعني به: إجادة العمل، من أحسن في كذا إذا أجاد في فعله، ومنه حديث: "إذا قتلتم .. فأحسنوا القتلة"، وهو بهذا التفسير أخص من الأول؛ أي: ما حقيقة الإحسان في العبادة الذي حث الله تعالى عباده على تحصيله في كتابه بقوله: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (٣).

(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤاله: الإحسان هو (أن تعبد الله) سبحانه وتعالى (كأنك تراه) سبحانه، قال السندي: صفة لمصدر


(١) سورة الصافات: (٩٦).
(٢) سورة القمر: (٤٩).
(٣) سورة آل عمران: (١٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>