للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فَإِنَّكَ إِنْ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ

===

محذوف؛ أي: أن تعبد الله عبادة مشبهة بعبادتك إياه حال رؤيتك إياه، أو حال من فاعل (تعبد) أي: أن تعبد الله حال كونك مستحضرًا خشية من يراه سبحانه، آتيًا بعبادته مستوفاة الشرائط والأركان؛ أي: أن تعبد الله والحال كانك تراه، وليس المقصود على تقدير الحالية أن ينتظر بالعبادة تلك الحال، فلا يعبد قبل تلك الحال، بل المقصود تحصيل تلك الحال في العبادة، وهذا إشارة إلى مقام المشاهدة؛ وهو أن تعبد الله كأنك تراه.

(فإنك إن لا تراه) سبحانه وتعالى .. (فإنه) تعالى (يراك) أي: فإنك إن لم تكن تراه سبحانه .. فإنه سبحانه يراك أيها العابد؛ أي: فإن لم تعبده وأنت من أهل الرؤية المعنوية .. فاعبده وأنت بحيث أنه يراك؛ أي: فصور نفسك كأنك أعمى يفعل شيئًا عند بصير يخاف منه، وهذا عندهم يسمى مقام المراقبة، وقد بسطنا الكلام هنا في "شرحنا على صحيح مسلم والحاصل: أن الإحسان هو مراعاة الخشوع والخضوع وما في معناهما في العبادة على وجه راعاه لو كان رائيًا، ولا شك أنه لو كان رائيًا حال العبادة .. لما تركَ شيئًا مما قدر عليه من الخشوع وغيره، ولا منشأ لتلك المراعاة حال كونه رائيًا إلا كونه تعالى رقيبًا عالمًا مطلعًا على حاله، وهذا موجود، وإن لم يكن العبد يراه تعالى، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم في تعليله: "فإنك إن لا تراه .. فإنه يراك" أي: وهو يكفي في مراعاة الخشوع على ذلك الوجه انتهى "سندي".

فإن قلتَ: لم أخر السؤال عن الإحسان مع أنه مطلوب في كل من الإسلام والإيمان؟

قلتُ: أخره عنهما؛ لأنه صفة الفعل، أو شرط في صحته، والصفة بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>