(قال) عبد الله بن مسعود: (فـ) والله (لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك) عند ذلك (حتى بدت) وظهرت عند ضحكه (نواجذه) أي: أنيابه؛ والنواجذ - بالجيم والذال - قال الجمهور من أهل اللغة وغيرهم: المراد به هنا: الأنياب، وقال المازري: هي الضواحك؛ أي: الثَّنايا؛ لأن ضحكه صلى الله عليه وسلم التبسم.
وقال الأصمعي: هي الأضراس، وهذا هو الأشهر في إطلاق النواجذ في اللغة، ولكن الصواب ما قدمناه عن الجمهور.
قال ابن مسعود رضي الله عنه:(فكان) الشأن (يقال) عند الناس: (هذا) الرجل الذي يعطى مثل الدنيا وعشرة أمثالها: هو (أدنى) وأقل (أهل الجنة منزلًا) أي: درجة؛ وإنما قالوا ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك، وهو الصادق المصدوق.
وأما معنى:(أتسخر بي) هنا .. ففيه أقوال ثلاثة:
أحدها: ما قاله المازري: أنه خرج على المقابلة الموجودة في معنى الحديث دون لفظه؛ لأنه عاهد الله مرارًا ألا يسأله غير ما سأل، ثم غدر فحل غدره محل الاستهزاء والسخرية، فقدَّر الرجلُ أن قولَ الله تعالى:(ادخل الجنة) وتردده إليها وتخييلَ كونها مملوءة .. ضربٌ من الإطماع له والسخرية به؛ جزاء لما تقدم من غدره وعقوبة له، فسمى الجزاء على السخرية: سخرية، فقال: أتسخر بي؛ أي: أتعاقبني بالإِطماع.
والقول الثاني: ما قاله أبو بكر الصَّيْرفيُّ: أن معناه: نفي السخرية التي لا تجوز على الله تعالى؛ كأنه قال: أعلم أنك لا تهزأ بي؛ لأنك رب العالمين،