عبد الله بن مسعود الهاشمي، وهذا يقتضي المنع من سب الدنيا ولعنها.
ووجه الجمع بينهما: أن المباح لعنه من الدنيا ما كان منها مبعدًا من الله تعالى وشاغلًا عنه؛ كما قال بعض السلف: كل ما شغلك عن الله تعالى من مال وولد .. فهو عليك مشؤوم، وهو الذي نبه الله على ذمه بقوله:{اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ}(١).
وأما ما كان من الدنيا يقرب إلى الله تعالى ويعين على عبادة الله تعالى .. فهو المحمود بكل لسان، والمحبوب لكل إنسان، فمثل هذا لا يسب، بل يرغب فيه ويحب، وإليه الإشارة بالاستثناء حيث قال:"إلا ذكر الله وما والاه، أو عالمًا أو متعلمًا".
وهو المصرح به في قوله صلى الله عليه وسلم:"فإنها نعمت مطية المؤمن عليها يبلغ الخير، وبها ينجو من الشر"، وبهذا يرتفع التعارض بين الحديثين، والله أعلم. من "المفهم".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب "الزهد والرقائق"، والترمذي في كتاب الزهد، باب ما جاء في هوان الدنيا على الله عز وجل، وقال أبو عيسى: حديث المستورد حديث حسن؛ لأن في سنده راويًا مختلفًا فيه؛ وهو مجالد بن سعيد، ورواه أحمد وابن أبي شيبة في "مصنفه".
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح المتن بغيره؛ لأن له شواهد ومتابعات، حسن السند؛ لأن في سنده راويًا مختلفًا فيه، ولوروده من طرق أخرى، وغرضه: الاستشهاد به لحديث المستورد الأول.