للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

غير أنه قد كثر استعمالها استعمال الأسماء، فاستغني عن موصوفها؛ كما جاء في هذا الحديث؛ والمراد: الدار الدنيا أو الحياة الدنيا التي تقابلها الدار الأخرى أو الحياة الأخرى.

ومعنى (هوان الدنيا على الله تعالى): أن الله تعالى لم يجعلها مقصودة لذاتها، بل جعلها طريقًا موصلًا إلى ما هو المقصود لذاته، وأنه لم يجعلها دار إقامة ولا جزاء، وإنما جعلها دار رحلة وبلاء، وأنه ملكها في الغالب الكفرة والجهال، وحماها الأنبياء والأولياء، وقد أوضح النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى، فقال: "لو كانت الدنيا تعدل عند الله تعالى جناح بعوضة .. ما سقى منها الكافر شربة ماء" رواه ابن ماجه (٤٠٥٣) وهو الحديث السابق قبل هذا الحديث.

وحسبك بها هوانًا أن الله قد صغرها وحقرها وذمها وأبغضها وأبغض أهلها ومحبيها، ولم يرض لعاقل فيها إلا بالتزود منها، والتأهب للارتحال عنها، ويكفيك من ذلك ما رواه أبو عيسى الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الدنيا ملعونة ملعون ما فيها، إلا ذكر الله وما والاه، أو عالم أو متعلم" رواه الترمذي من حديث أبي هريرة (٢٣٢٢)، وقال: حديث حسن غريب.

ولا يفهم من هذا الحديث إباحة لعن الدنيا وسبها مطلقًا؛ لما رويناه من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا الدنيا؛ فنعمت مطية المؤمن عليها يبلغ الخير، وبها ينجو من الشر، إنه إذا قال العبد: لعن الله الدنيا .. قالت الدنيا: لعن الله أعصانا لربه" رواه ابن عدي في "الكامل" (١/ ٣٠٤) أخرجه الشريف أبو القاسم زيد بن

<<  <  ج: ص:  >  >>