ثم قال الحافظ ابن كثير: وقد ورد في بعض الأحاديث أن عيسى ينزل بِبَيْتِ المقدس، وفي رواية بـ (الأُرْدُنِ) وفي رواية ب (معسكر المسلمين) فالله أعلم بمكان نزوله.
قال السيوطي: وحديث نزوله ببيت المقدس مذكور عند ابن ماجه، وهو عندي أرجح، ولا ينافي سائر الروايات؛ لأن بيت المقدس هو شرقي دمشق، وهو معسكر المسلمين إذ ذاك.
والأردن اسم الكورة؛ كما في "الصحاح"، وبيت المقدس داخل فيه، فاتفقت الروايات، فإن لم يكن في بيت المقدس الآن منارة بيضاء .. فلا بُدَّ من أن تُحدث قبل نزوله، وقد أحدثت، وما رجحه السيوطي من نزول عيسى ببيت المقدس هو ما رجحه أكثر العلماء، والله أعلم.
قوله:"بين مهرودتين" على زنة مفعولتين، وروي بالذال المعجمة أيضًا؛ أي: ينزل في ثوبين مصبوغين بورس ثم بزعفران؛ كما تقدم آنفًا، فـ (بين) هنا بمعنى (في) الظرفية، وهذا كناية عن جمال ملبسه عليه السلام؛ أي: ينزل في مهرودتين حالة كونه (واضعًا كفيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ) وخفض (رأسه .. قطر) أي: رأسه؛ أي: انصب من رأسه قطرات الماء (وإذا رفع) أي: رأسه .. (يتحدر منه) أي: تحدر من رأسه ونزل (جمان) أي: حبوب من الماء (كاللؤلؤ) أي: مثل جمان اللؤلؤ والفضة في صفائها ولمعانها؛ يعني: إذا خفض رأسه .. قطر منه ماء كثير، وإذا رفعه .. تحدر منه؛ أي: نزل منه ماء ببطئ وتأخر شيئًا فشيئًا شبيه بجمان اللؤلؤ وحبوبه في الصفاء واللمعان، وهذا كناية عن جمال ذات عيسى عليه السلام وحسن خلقته مع جمال لباسه المذكور آنفًا.