(و) حالة كونها (أَسْبَغَه) أي: أَمْلأَ ما كانت عليه (ضروعًا) لكثرة اللبن؛ والضروع - جمع ضرع -: مجتمع اللبن من المواشي بمنزلة ثدي المرأة من الإنسان (و) حالة كونها (أمده) أي: أزيد ما كانت عليه (خواصر) لكثرة أكلها وخصب مرعاها.
والخواصر جمع خاصرة، وامتدادها كناية عن شدة امتلائها؛ بسبب الشبع؛ والمراد: أن من آمن بالدجال .. يكون في خصب، فترجع ماشيته في المساء سمينة طويلة الأسنام.
قال الخطابي رحمه الله تعالى في "أعلام الحديث"(٤/ ٢٣٢): وقد يُسأَلُ عن هذا، فيقال: كيف يجوز أن يجري الله آياته على أيدي أعدائه، وإحياء الموتى آية عظيمة من آيات أنبيائه، فكيف مكَّن منه للدجال، وهو كَذَّابٌ مُفْتَرٍ على الله يدعي الربوبية لنفسه؟ !
فالجواب: أن هذا جارٍ لله تعالى على سبيل الامتحان لعباده، إذا كان منه ما يدل على أنه مبطل غير محق في دعواه؛ وهو أن الدجال أعور عينه اليمنى مكتوب على جبهته (كافر) يقرؤه كل مسلم، فدعواه داحضة مع رسم الكفر ونقص العور الشاهدين بأنه لو كان ربًّا .. لقدر على رفع العور عن عينه ومحو السمة عن وجهه، وآيات الله تعالى التي أعطاها لأنبيائه سليمة عَمَّا تُعَارُ بِهِ وعَمَّا يُناقِضُها. انتهى.
(ثم) بعدما مر على الذين آمنوا وأمدهم بنعمه (يأتي القومَ) الآخرين (فيدعوهم) إلى الإيمان به (فيردون عليه قوله) وينكرونه (فينصرف) أي: يرجع