للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

إِنهُ شَابٌّ قَطَطٌ عَيْنُهُ قَائِمَةٌ، كَأَنِّي أُشَبِّهُهُ بِعَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قَطَنٍ،

===

تلك الفتن العظيمة وتوكل عليه في ذلك، ولا شك في أن من صح إسلامه في ذلك الوقت أنه يكفى تلك الفتن؛ لصدق النبي صلى الله عليه وسلم في توكله، وصحة ضمان الله تعالى كفاية من توكل عليه بقوله عز وجل: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (١)؛ أي: كافيه مشقة ما توكل عليه فيه، وموصله إلى ما يصلحه منه، ومع هذا، فقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما يقرؤه على الدجال، فيؤمن من فتنته؛ وذلك عشر آيات من أول سورة الكهف أو من آخرها، على اختلاف الرواية في ذلك، والاحتياط والحزم يقتضي أن يقرأ عشر آيات من أول سورة الكهف، وعشر آيات من آخرها، على أنه قد روى أبو داوود من حديث نواس: (فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف؛ فإنه جوار لكم من فتنته) رواه أبو داوود (٤٣٢١).

ثم قال صلى الله عليه وسلم: ألا (إنه) أي: إن الدجال رجل (شاب) الجسم، لا كهل ولا شيخ (قطط) - بفتحتين وبكسر الطاء الأولى، لغتان فيه - أي: شديد جعودة الشعر الذي لا يمتد إلا باليد؛ كشعور السودان، مباعد عن الجعودة المحبوبة، كذا في النووي.

(عينه قائمة) ناتئة جاحظة عن موضعها؛ أي: بارزة مرتفعة عنه؛ كأنها عنبة طافية؛ أي: حبةُ عنبةٍ بارزةٌ خارجةٌ من بين سائر الحبوب (كأَنِّي أُشَبِّهُهُ) في ظني (بعَبْدِ العزى بن قَطَنٍ) - بفتحتين - ولم يَقُلْ: كأنه عبد العزى بن قطن، قيل: إنه لم يكن جازمًا بتشبيهه به، وقيل: إنه كان يهوديًّا، والظاهر أنه كان مشركًا؛ لأن العزى اسم صنم، يؤيده ما جاء في بعض الحواشي: (هو رجل من خزاعة، هلك في الجاهلية). انتهى من "الأبي".


(١) سورة الطلاق: (٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>