وثانيها: خصلة (من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما).
قال القرطبي: فيه دليل على جواز إضافة المحبة لله تعالى، وإطلاقها عليه، ولا خلاف في إطلاق ذلك عليه محبًا ومحبوبًا، كما قال تعالى:{فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}(١)، وهو في السنة كثير.
قوله:"مما سواهما" ثنى الضمير هنا، ورد على الخطيب قوله:(ومن يعصهما .. فقد غوى) فقال صلى الله عليه وسلم: "بئس خطيب القوم أنت، قل: ومن يعص الله ورسوله".
أجاب عز الدين عن ذلك بأن منصب الخطيب قابل للزلل، فتثنية الضمير توهم أنه سوى بينهما، وأجاب غيره بأن كلامه جملة واحدة، فإيقاع الظاهر فيها موقع الضمير مرجوح، وكلام الخطيب جملتان.
وأجاب شارح " المصابيح " بأنه إيماءٌ إلى أن المعتبر مجموع المحبتين، حتى لو انفردت إحداهما .. لم تفد.
وأمر بالإفراد في الآخر؛ إعلامًا بأن إحدى المعصيتين كافية في الذم. انتهى من "الأبي".
وقال:"مما سواهما" ولم يقل: (ممن سواهما)؛ تنبيهًا على حقارة ما سوى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ومن في معناه ممن يحب الله تعالى، وتنزيلًا له منزلة ما لا يعقل؛ إذ ذاك أصل استعمال (ما) لأنه مثله في عدم القدرة على جلب المنافع، ودفع المضار مطلقًا.
ففي اللفظ إيماء إلى أنه ينبغي أن يقصر المؤمن حبه على مولانا عز وجل،