للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَرَأَيْتُ فِي رُؤْيَايَ هَذِهِ أَنِّي هَزَزْتُ سَيْفًا،

===

أنها اليمامة أو هجر، ففاجأني كون تلك الأرض المدينة يثرب؛ ففيه ما يدل على أن الرؤيا قد تقع موافقة لظاهرها من غير تأويل، وأن الرؤيا قبل وقوعها لا يقطع الإنسان بتأويلها، وإنما هي ظن وحدس إلا ما كان منها وحيًا للأنبياء؛ كما وقع لإبراهيم الخليل عليه السلام في قوله لابنه: {إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} (١)، فإن ذلك لا يكون إلا عن يقين يحصل لهم قطعًا، خلافًا من قال من أهل البدع: إن ذلك كان منه ظنًّا وحسبانًا، وهو قول باطل لا حجة عليه، لأنه لم يكن ليقدم على معصوم قطعًا محبوب شرعًا وطبعًا بمنام لا أصل له ولا تحقيق فيه. انتهى من "المفهم".

ولكن ما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام هو أنه يهاجر إلى أرض بها نخل، وكان هذا القدر قطعيًّا؛ لكونه وحيًا، وقد وقع ما أخبر به، أما تعيين تلك الأرض ... فلم يوح إليه في ذلك حينئذ شيء، فأولها على طريق الظن والاجتهاد باليمامة، أو بهجر فتبين بعد ذلك أنها غيرهما.

قوله: "يثرب" وهي اسم قديم للمدينة، وقد ورد في الحديث النهي عن تسميتها بيثرب؛ لكراهة لفظ التثريب، ولأنه من تسمية الجاهلية، فقيل: يحتمل أن تسميته صلى الله عليه وسلم في حديث الباب بيثرب كان قبل النهي عنه، وقيل: لبيان الجواز وإن النهي للتنزيه لا للتحريم، وقيل: خوطب به من يعرفها به، ولهذا جمع بينه وبين اسمه الشرعي، فقال: المدينة يثرب. انتهى من "النووي".

(ورأيت في رؤياي هذه) التي رأيت فيها الهجرة (أني هززت) أي: حركت وسللت (سيفًا) أي: بسيفي ذي الفقار؛ كما في "طبقات ابن سعد" مرسلًا عن


(١) سورة الصافات: (١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>