للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

روى البخاري عن أبي هريرة قال: إِذَا قَاءَ فَلَا يُفْطِرُ، إِنَّمَا يُخْرِجُ وَلَا يُولِجُ (١).

وعن ابن عباس ﴿أنه قال: «الْإِفْطَارُ مِمَّا دَخَلَ وَلَيْسَ مِمَّا خَرَجَ، وَالْوُضُوءُ مِمَّا خَرَجَ وَلَيْسَ مِمَّا دَخَلَ» (٢).

وعن عكرمة قال: «الإِفْطَارُ مِمَّا دَخَلَ، وَلَيْسَ مِمَّا خَرَجَ» (٣).

واعترض عليه بما قاله ابن المنير: يؤخذ من هذا الحديث أن الصحابة كانوا يؤولون الظاهر بالأقيسة من حيث الجملة، ونقض غيره هذا الحصر بالمني، فإنه إنما يخرج وهو موجب للقضاء والكفارة.

قال ابن تيمية: وَأَمَّا مَنْ تَدَبَّرَ أُصُولَ الشَّرْعِ وَمَقَاصِدَهُ، فَإِنَّهُ رَأَى الشَّارِعَ لَمَّا أَمَرَ بِالصَّوْمِ أَمَرَ فِيهِ بِالِاعْتِدَالِ، حَتَّى كَرِهَ الْوِصَالَ، وَأَمَرَ بِتَعْجِيلِ الْفِطْرِ وَتَأْخِيرِ السُّحُورِ، وَجَعَلَ أَعْدَلَ الصِّيَامِ وَأَفْضَلَهُ صِيَامَ دَاوُد، وَكَانَ مِنَ الْعَدْلِ أَنْ لَا يُخْرِجَ مِنَ الْإِنْسَانِ مَا هُوَ قِيَامُ قُوَّتِهِ، فَالْقَيْءُ يُخْرِجُ الْغِذَاءَ، وَالِاسْتِمْنَاءُ يُخْرِجُ الْمَنِيَّ، وَالْحَيْضُ يُخْرِجُ الدَّمَ، وَبِهَذِهِ الْأُمُورِ قِوَامُ الْبَدَنِ، لَكِنْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ وَمَا لَا يُمْكِنُ، فَالِاحْتِلَامُ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ، وَكَذَا دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ بِخِلَافِ دَمِ الْحَيْضِ فَإِنَّ لَهُ وَقْتًا مُعَيَّنًا، فَالْمُحْتَجِمُ أَخْرَجَ دَمَهُ، وَكَذَلِكَ الْمُفْتَصِدُ، بِخِلَافِ مَنْ خَرَجَ دَمُهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، كَالْمَجْرُوحِ فَإِنَّ هَذَا لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ؛ فَكَانَتِ الْحِجَامَةُ


(١) انظر: «البخاري مع الفتح» (٤/ ١٧٥). قال البخاري: وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ يُفْطِرُ. وَالأَوَّلُ أَصحُّ. قول البخاري: (ويذكر عن أبي هريرة): أخرجه النسائي في «الكبرى» (٢/ ٢١٥)، قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حِبَّانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: مَنْ قَاءَ وَهُوَ صَائِمٌ فَلْيُفْطِرْ.
(٢) إسناده صحيح: أخرجه ابن المنذر في «الأوسط» (١/ ١٨٥) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِه. وأخرج ابن شيبة في «المصنف» (٣/ ٣٩). قال: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، عَنْ إسْرَائِيلَ، عَنْ جَابِرِ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إذَا تَقَيَّأَ الصَّائِمُ فَقَدْ أَفْطَرَ. وإسناده ضعيف. الضحاك لم يسمع من ابن عباس. قال أبو زرعة: وكان شعبه ينكر أنه لقي ابن عباس، انظر: «جامع التحصيل» (ص ٢٠٠).
(٣) إسناده صحيح: أخرج ابن أبي شيبة (٣/ ٣٩)، قال: هُشَيْمٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ بِه.

<<  <   >  >>