للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فِيهِ جَوَازُ اللَّعِبِ بِالسِّلَاحِ وَنَحْوِهِ مِنْ آلَاتِ الْحَرْبِ في المسْجِدِ، ويلتحق به ما في مَعْنَاهُ مِنَ الْأَسْبَابِ المعِينَةِ عَلَى الْجِهَادِ وَأَنْوَاعِ الْبِرِّ، وَفِيهِ جَوَازُ نَظَرِ النِّسَاءِ إِلَى لَعِبِ الرِّجَالِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إِلَى نَفْسِ الْبَدَنِ، وَأَمَّا نَظَرُ المرْأَةِ إِلَى وَجْهِ الرَّجُلِ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ كَانَ بِشَهْوَةٍ فَحَرَامٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ وَلَا مَخَافَةَ فِتْنَةٍ فَفِي جَوَازِهِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا، أَصَحُّهُمَا تَحْرِيمُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ﴾ [النور: ٣١].

• المبحث الثاني: الرخصة للجواري يوم العيد في اللعب والغناء:

في «الصحيحين» عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَىَّ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِى جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِى الأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتْ بِهِ الأَنْصَارُ يوم بُعَاثٍ. قَالَتْ: وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ. فَقال أَبُو بَكْرٍ: أَبِمَزْمُورِ الشَّيْطَانِ في بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ ؟! وَذَلِكَ في يوم عِيدٍ. فَقال رَسُولُ اللَّهِ : «يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا».

قال ابن رجب (١): في هذا الحديث الرخصة للجواري في يوم العيد في اللعب والغناء بغناء الأعراب. وإن سمع ذلك النساء والرجال، وإن كان معه دف مثل دف العرب وهو يشبه الغربال، وليس الغناء والدف المرخص فيهما في معنى غناء الأعاجم ودفوفهما المصلصلة؛ لأن غناءهم ودفوفهم تحرك الطباع وتهيجها إلى المحرمات، بخلاف غناء الأعراب، فمن قاس أحدهما على الآخر فقد أخطأ أقبح الخطأ، وقاس مع ظهور الفرق بين الفرع والأصل، فقياسه من أفسد القياس وأبعده عن الصواب.

قال ابن بطال (٢): قال المهلب: وفيه دليل أن العيد موضوع حديث للراحات وبسط النفوس إلى ما يحل من الدنيا والأخذ بطيبات الرزق وما أحل الله من اللعب والأكل والشرب والجماع، ألا ترى أنه أباح الغناء من أجل عذر العيد. قال: «دعهما يا أبا بكر


(١) «فتح الباري» (٦/ ٧٧).
(٢) «شرح صحيح البخاري» (٢/ ٥٤٩).

<<  <   >  >>