٣ - وإما أن ينبذ إليهم إلى قريش على سواء فيحتكم وإياهم إلى السيف، بصفتهم المسؤول الرئيسى عن تنفيذ معاهدة الصلح الذي نقضته بكر برضى وممالئة بعض سادات مكة.
- ٥ -
غير أن قريشًا رفضت قبول العرضين العادلين الإِيجابيين الأوليين واختارت العرض الثالث صلفًا وكبرياء ورياء الناس، وهو الحرب فتحدت الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأبلغته أنها ترحب بالحرب وتفضلها على أن تدفع ديات قتلى حلفائه، أو تتبرأ من حلف قاتليهم البكريين (كما هو مفصل في هذا الكتاب).
وهنا كان لا بد للرسول - صلى الله عليه وسلم - من أن يفى بالتزاماته لحلفائه الخزاعيين المغدور بهم، وذلك حسب العهد الذي أعطاه لهم في وثيقة صلح الحديبية التاريخي (١).
- ٦ -
لذلك - وبعد أن أصبح صلح الحديبية لاغيا بفعل تصرفات قريش وحلفائها - قرر النبي - صلى الله عليه وسلم - الزحف على المشركين في مكة، لأنه اعتبر نفسه (لنقضهم الصلح) في حالة حرب معهم كما كان قبل عقد ذلك الصلح، ولا بد من أن ينبذ إليهم على سواء فيبدأ الحرب قبل أن يبدأوه. لأن الخيانة التي ارتكبوها بنقض الصلح وتأييدهم حلفاءهم البكريين العتدين، إنما هو دونما شك، مقدمة لشن حرب على المسلمين، الذين ما كانت قريش ومن بقى على الوثنية يرون لوجودهم معنى ما بقى لهؤلاء المسلمين وجود أو سلطان. ثم إن قريشًا تفسها قد أعلنت الحرب على النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يعلنها هو.
(١) انظر حديثنا الموسع عن هذه الوثيقة في كتابنا الخامس من هذه السلسلة (صلح الحديبية).