للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدنية على المسلمين كما صرح بذلك أحد كبار وزراء الرسول - صلى الله عليه وسلم - عمر بن الخطاب (١).

-٣ -

ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إذا كانوا قد وقفوا عند شرف الكلمة التي أعطوها في صلح الحديبية وطبقوها نصًّا وروحًا، واشتملت نفوسهم الطاهرة الصافية النقية على الوفاء بالعهد الذي أعطوه، فهل التزمت قريش وحلفاؤها من كنانة نفس الالتزام الذي التزمه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحبه وحلفاؤه من خزاعة، ووقفوا عند شرف الكلمة التي أعطوها في وثيقة صلح الحديبية التاريخي؟ ؟ .

كلا وألف كلا.

فالنبي وأصحابه وحلفاؤه من خزاعة، إذا كانوا قد اعتبروا صلح الحديبية وثيقة شرف يتعايش الفريقان بموجبها عشر سنوات يأمن فيها الناس بعضهم بعضًا، فإن المشركين من قريش وحلفائهم من كنانة، قد نظروا إلى ذلك الصلح التاريخي من زاوية غدر مظلمة، فاعتبروا الصلح فرصة ذهبية لا تفوت للغدر بخزاعة الشجاعة الباسلة، لينالوا منها من ثاراتهم الجاهلية بالغدر والخيانة في حالة أمن وأمان وصلح وموادعة، ما عجزوا عن نيله في حالة اللقاء والاستعداد والمواجهة واليقظة.

فقد أقدمت كنانة بمساندة حلفائها القريشيين على جريمة من أبشع جرائم الغدر والنكث والخيانة، ففتكت بأكثر من خمسة وعشرين من خزاعة، قتلتهم داخل حدود الحرم في ظل صلح الحديبية وقبل أن تمضى على توقيعه


(١) انظر تفاصيل قصة تسليم الرسول - صلى الله عليه وسلم - أبا جندل بن سهيل بن عمرو في بطاح الحديبية. إلى أبيه المشرك في كتابنا (صلح الحديبية) وقصة تسليمه - صلى الله عليه وسلم - أبا بصير للمشركين فيما مضى من هذا الكتاب وقصة منعه إيواء سبعين شابا من شباب قريش المسلم في المدينة حينما فكر في اللجوء إليها بعد أن أفلتوا من سجون الإِرهاب في مكة. وذلك تطبيقا لالتزامه - صلى الله عليه وسلم - ببنود صلح الحديبية التي وقع وثيقته التاريخية.

<<  <  ج: ص:  >  >>