فقد جعل له الخيار بين أن يقومه مقصورًا ويغرم الأجرة، أو خامًا ولا يغرم.
واحتج المخالف بأن المعقود عليه قد فات، فلا يمكن تسليمه بوجه، فوجب أن ينتقض البيع، كما لو تلف بأمر سمائي، وكذلك القبض في السلم والصرف.
والجواب: أنه إذا تلف بأمر سمائي، فلم يحصل هناك ما يقوم مقام المبيع، والمبيع من ضمان البائع، وليس كذلك هاهنا؛ لأنه يجب على المتلف بدله، والبدل يقوم مقامه، فيصير كأنه لم يفت.
ونخص أبا حنيفة:[أنه] إذا أتلفه البائع بأنه مبيع تلف بفعل آدمي، فلم يبطل العقد، كما لو أتلفه أجنبي.
فإن قيل: إذا أتلفه أجنبي وجبت القيمة، والقيمة يوم تقوم مقامه، وإذا أتلفه البائع لم تجب عليه القيمة؛ لأنها لو وجبت لتعلق وجوبها بعقد البيع، ألا ترى أنه لو لم يكن هناك بيع لم تجب؛ لأن من أتلف مال نفسه لم يلزمه ضمان، ولو وجبت بعقد البيع لصارت مبيعة، والمبيع في الذمة لا يجوز إلا على وجه السلم، وهذا ليس بسلم.
وليس كذلك إذا أتلفه أجنبي؛ لأن وجوب القيمة عليه لا يتعلق بعقد البيع، ألا ترى أنه لو لم يكن هناك بيع لكانت القيمة واجبة عليه، وإذا لم يتعلق وجوبها بعقد البيع لم تصر القيمة مبيعة في الذمة،