قيل: قوله: (إلا أن تعلم) يرجع إلى الاستثناء، والمستثنى منه هاهنا مجهول.
ولأن البيع إنما يصح إذا كان معلوم القدر، وإنما يصير معلومًا بالمشاهدة بأن يقول: بعتك هذه الصبرة، أو ثمرة هذا النخل، ويشير إليه.
أو يكون المبيع جزءًا معلومًا بأن يقول: بعتك ثلث هذه الصبرة، أو نصفها.
وهذا المبيع غير معلوم بالمشاهدة؛ لأنه إذا استثنى من الصبرة عشرة أمداد، فالباقي غير معلوم بالمشاهدة، ولا هو جزء معلوم، فلم يصح، كما لو قال: بعتك ثوبًا من هذه الثياب، أو عبدًا من هؤلاء العبيد.
ولا يلزم عليه إذا قال: بعتك هذه الصبرة إلا ثلثها؛ لأن المبيع هناك جزء معلوم، فهو بمنزلة أن يقول: بعتك ثلاثة أرباع هذه الصبرة.
ولا يلزم عليه إذا قال: بعتك ثمرة هذا النخل إلا هذه النخلة؛ لأن المبيع هناك معلوم بالمشاهدة، وهو ما عدا النخلة المستثناة.
واحتج المخالف بأن ذلك إجماع أهل المدينة عملًا متواترًا بينهم.
والجواب: أن إجماع أهل المدينة ليس بحجة عندنا.
واحتج بما روي عن ابن عمر: أنه باع من رجل ثمرة، فقال: أبيعكها بأربعة آلاف وطعام الفتيان.