للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعلماء متفقون على جواز إطلاق ما ورد به الشرع من الأسماء على الله، كما اتفقوا على منع ما منع منه الشرع، وما دل على نقص أو عيب، وأما الذي وقع فيه الخلاف فهو فيما لم يرد به إذن من الشرع ولا منع ولا يتضمن نقصًا ولا عيبًا (١).

والذي عليه أهل السنة والجماعة وأكثر المتكلمين أن التسمية متوقفة على إذن الشرع، فلا يجوز أن يُسمى الله باسم، إلا إذا ورد ذلك الاسم في الكتاب أو السنة (٢).

واستدل أهل السنة بأن الله ﷿ أعلم بنفسه، ونحن لا يمكننا أن نراه في الدنيا، بل ولا نحيط به علمًا مطلقًا، فهذا يدل على أنه لا يمكننا إدراك كل ما يستحقه من الوصف دون خبر.

وجمهور أهل العلم القائلين بأن الأسماء الحسنى على التوقيف ذكروا أنها تثبت بالقرآن، والسنة الصحيحة -سواء كانت متواترة أو آحادًا- وبالإجماع، ومنعوا استعمال القياس لإثباتها (٣).

وحكى بعض أهل العلم عن المعتزلة والكرامية (٤) والقاضي أبي بكر الباقلاني (٥) جواز إطلاق الأسماء على الله وإن لم يرد بها توقيف إن لم تتضمن


(١) انظر: المقصد الأسنى للغزالي (ص ١٧٣)، و شرح الكوكب المنير (١/ ٢٨٩)، ولوامع الأنوار (١/ ١٢٤).
(٢) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (٦/ ١٤١ - ١٤٣)، وتحفة المريد شرح جوهرة التوحيد (٨٩).
(٣) انظر: البحر المحيط للزركشي (٦/ ١٣٣).
(٤) هم أتباع محمد بن كرام السجستاني (ت ٢٥٥ هـ)، يعدون من مثبتة الصفات مع شيء من المبالغة تصل إلى حد التشبيه، ووافقوا على إثبات الحكمة لله وتحسين العقل وتقبيحه، لكن إلى درجة القول بوجوب معرفة الله بالعقل! وعدادهم في المرجئة لقولهم بأن الإيمان هو الإقرار والتصديق باللسان دون القلب. انظر: مقالات الإسلاميين (١/ ٢٢٣)، والملل والنحل للشهرستاني (١/ ١٠٨).
(٥) ولكن ابن حجر في فتح الباري (١١/ ٢٢٦) يرى أن مذهب الباقلاني كمذهب الغزالي.

<<  <   >  >>