للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٢) ثم احتماله في ذلك التركيب الخاص (١).

ومن ههنا يعرف خطأ إيراد كثير من معطلة الصفات لنصوص هي ظاهرة في معناها، كقول الله تعالى: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ [القصص: ٨٨] الدال على أنه لا يبقى إلا ما أريد به وجهه، بقرينة أول الآية: ﴿وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ ونحو قول الله تعالى: ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾ [البقرة ١١٥] أي قبلة الله، فيأتي المعطل، ويحاول إلزام المثبت أن يؤول ما هو صريح في إثبات الوجه في أدلة أخرى، لمجرد وجود لفظ (الوجه) الذي هو ظاهر في معناه في تلك الآيات (٢)، فيدعي أنه كذلك في أدلة أخرى، كقول الرسول : (جنتان من فضة، آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن) (٣)، وكقوله لما نزل قول الله تعالى: ﴿قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ﴾ [الأنعام: ٦٥] قال: (أعوذ بوجهك) الحديث (٤)، والأدلة الدالة على إثبات الوجه كثيرة.

الشرط الثالث: إقامة دليل يرجح المعنى المؤول إليه بحيث يكون المعنى المؤول إليه أقوى من المعنى الظاهر الذي أفاده الكلام قبل ذلك الدليل المرجح، فهذا الشرط تضمن أمرين (٥):


(١) انظر: الصواعق المرسلة لابن القيم (١/ ٢٨٩)، ٢٩٢)، و البحر المحيط للزركشي (٥/ ٤٦).
(٢) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (٦/ ١٤ - ١٧).
(٣) متفق عليه، أخرجه البخاري في كتاب التوحيد باب: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾، برقم (٧٤٤٤) ومسلم في كتاب الإيمان، باب إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة لربهم سبحانه - برقم (٢٩٦).
(٤) أخرجه البخاري في كتاب التفسير، باب ﴿قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ﴾ من سورة الأنعام، برقم (٤٦٢٨).
(٥) انظر: الصواعق المرسلة لابن القيم (١/ ٢٩٢)، والبحر المحيط للزركشي (٥/ ٤٦).

<<  <   >  >>