للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكر الآخرة والنار (١).

وإذا رجعنا إلى آية آل عمران في قوله: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ﴾ وفسر التأويل فيها على معنى الحقيقة والمآل، يكون المتشابه بمعنى: ما لا تدرك حقيقته ومآله ويتعين الوقف على قوله: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ﴾، وعلى هذا يحمل ما ورد عن السلف، كابن عباس فإنه قرأ الآية هكذا: (وما يعلم تأويله إلا الله، ويقول الراسخون في العلم آمنا به) (٢).

وفرق بين علم تأويله وعلم معناه، فقد أثر عن السلف أنهم كانوا يقرأون القرآن ويفسرونه كله، وهذا يدل على أن معناه معلوم لهم.

وقد رأى بعض أهل العلم أن الوقف على قوله: ﴿إِلَّا اللَّهُ﴾ غير متعين، ويرون عطف ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ على اسم الله، فيكون الراسخون ممن يعلم تأويله، وجاء عن ابن عباس أنه قال: «أنا ممن يعلم تأويله» (٣)، وقال مجاهد: «والراسخون في العلم يعلمون تأويله» (٤) وعلى هذا يتعين أن يكون التأويل الذي


(١) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (١٣/ ٢٧٨ - ٢٧٩).
(٢) رواه عبد الرزاق في تفسيره (١/ ١١٦)، ومن طريقه ابن جرير في تفسيره جامع البيان (٣/ ٣/ ١٨٢)، وأخرجه الحاكم في المستدرك (٢/ ٣١٧)، برقم (٣١٤٣) وقال: على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (٨/ ٥٨): "إسناده صحيح. ".
(٣) أخرجه ابن جرير في جامع البيان (٣/ ٣/ ١٨٢) عن محمد بن عمرو (وهو ابن العباس الباهلي - ثقة) عن أبي عاصم (وهو الضحاك بن مخلد - ثقة) عن عيسى (هو ابن ميمون المكي -ثقة) عن أبي نجيح (هو عبد الله بن يسار - ثقة) عن مجاهد (وهو ابن جبر -ثقة) عن ابن عباس فإسناده صحيح. وانظر تراجم المذكورين -على التوالي- في تقريب التهذيب (٨٢٦٦)، (٢٩٩٤)، (٥٣٦٩)، (٣٨٨٦)، (٥٦٢٣).
(٤) أخرجه ابن جرير في جامع البيان (٣/ ٣/ ١٨٣) وإسناده صحيح - وهو نفس إسناد الأثر المتقدم عليه- وأخرجه من وجه آخر حسن.

<<  <   >  >>