للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- قَولُهُ: ((حَتَّى تَرَوا)) بِفَتْحِ التَّاءِ بِمَعْنَى: تَعْلَمُوا، وَيَجُوزُ الضَّمُّ؛ وَالمَعْنَى حَتَّى تُظْهِرُوا أَنَّكُم قَدْ كَافَأْتُمُوهُ.

- فِي المُكَافَأَةِ فَائِدَتَانِ:

١ - تَشْجِيعُ ذَوِي المَعْرُوفِ عَلَى فِعْلِ المَعْرُوفِ.

٢ - أَنَّ الإِنْسَانَ يَكْسِرُ بِهَا الذُّلَّ الحَاصِلَ لَهُ بِصُنْعِ المَعْرُوفِ إِلَيهِ، فَإِذَا رَدَدْتَ إِلَيهِ مَعْرُوفَهُ زَالَ عَنْكَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ فِي قَلْبِكِ شُعُورٌ بِالمِنَّةِ لِأَحِدٍ سِوَى رَبِّ العَالَمِينَ.

- مِنَ المُكَافَأَةِ مَا جَاءَ فِي الحَديثِ: ((مَنْ صُنِعَ إِلَيهِ مَعْرُوفٌ فَقَالَ لِفَاعِلِهِ: جَزَاكَ الله خَيرًا؛ فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ)) (١).

قُلْتُ: وَوَجْهُ الإِحَالَةِ إِلَى اللهِ تَعَالَى فِي الجَزَاءِ هُوَ لِعَجْزِهِ عَنْ جَزَاءِهِ بَنَفْسِهِ؛ فَأَحَالَهُ إِلَى الغَنِيِّ الَّذِي لَا يَعْدِلُ جَزَاءَهُ جَزَاءٌ. وَاللهُ أَعْلَمُ.

- فَائِدَةٌ ١: فِي الأَمْرِ بِالمُكَافَأَةِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهَا مِنْ جِنْسِ المَعْرُوفِ السَّابِقِ.

- فَائِدَةٌ ٢: أَولَى فِي المَنْعِ مِنَ الإِعْطَاءِ: مَنْ جَعَلَ التَّسَوُّلَ مِهْنَةً لَهُ؛ فَيَسْأَلُ مَعَ هَذَا بِاللهِ تَعَالَى أَنْ تُعْطِيَهُ! فَهَؤُلَاءِ حَقِيقَتُهُم عَلَى العَكْسِ مِنَ المُرَادِ النَّبَوِيِّ فِي حَدِيثِ البَابِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُم لَا يُعَظِّمُونَ اسْمَ اللهِ تَعَالَى، لِأَنَّهُم لَو عَظَّمُوهُ مَا جَعَلُوهُ عُرْضَةً لِأَنْ يَسْأَلوا بِاسْمِهِ أَيَّ شَيءٍ مِمَّا تُحْتَقَرُ قِيمَتُهُ عِنْدَ النَّاسِ!


(١) صَحِيحٌ. التِّرْمِذِيُّ (٢٠٣٥) عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيدٍ مَرْفُوعًا. صَحِيحُ الجَامِعِ (٦٣٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>