للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ الشَّيخُ الأَلْبَانِيُّ : "وَوُجُوبُ الإِعْطَاءِ إِنَّمَا هُوَ إِذَا كَانَ المَسْؤُولُ قَادِرًا عَلَى الإِعْطَاءِ وَلَا يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ بِهِ أَو بِأَهْلِهِ؛ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ عَلَيهِ. وَاللهُ أَعْلَمُ" (١).

- إِنَّ سُؤَالَ النَّاسِ مِنْ غَيرٍ حَاجَةٍ أَو ضَرُورَةٍ مَكْرُوهٌ أَو مُحَرَّمٌ، وَلِهَذَا كَانَ مِمَّا بَايَعَ النَّبِيُّ أَصْحَابَهُ عَلَيهِ أَنْ لَا يَسْأَلُوا النَّاسَ شَيئًا، حَتَّى إِنَّ سَوطَ أَحَدِهِم لَيَسْقُطُ مِنْهُ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ؛ فَلَا يَقُولُ لِأَحَدٍ: نَاوِلْنِيه! بَلْ يَنْزِلُ وَيَأْخُذُهُ بِنَفْسِهِ، كَمَا فِي الحَدِيثِ عَنْ عَوفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ؛ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ تِسْعَةً أَو ثَمَانِيَةً أَو سَبْعَةً؛ فَقَالَ: ((أَلَا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللهِ؟)) وَكُنَّا حَدِيثَ عَهْدٍ بِبَيعَةٍ، قُلْنَا: قَدْ بَايَعْنَاكَ! حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، فَبَسَطْنَا أَيدِيَنَا فَبَايَعْنَاهُ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنَّا قَدْ بَايَعْنَاكَ! فَعَلَامَ نُبَايِعُكَ؟ قَالَ: ((أَنْ تَعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيئًا، وَتُصَلُّوا الصَّلَوَاتِ الخَمْسَ، وَتَسْمَعُوا وَتُطِيعُوا)) وَأَسَرَّ كَلِمَةً خُفْيَةً؛ قَالَ: ((وَلَا تَسْأَلُوا النَّاسَ شَيئًا)). قَالَ: فَلَقَدْ كَانَ بَعْضُ أُولَئِكَ النَّفَرِ يَسْقُطُ سَوطُهُ؛ فَمَا يَسْأَلُ أَحَدًا أَنْ يُنَاوِلَهُ إِيَّاهُ (٢).

وَفِي الحَدِيثِ: ((مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِيَ يَومَ القِيَامَةِ لَيسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ)) (٣)، وَظَاهِرُهُ يَدُلُّ عَلَى التَّحْرِيمِ إِلَّا لِلضَّرُورَةِ.

- قَولُهُ: ((مَنِ اسْتَعَاذَ بِاللهِ؛ فَأَعِيذُوهُ)) أَي: قَالَ: (أَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ) فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيكَ أَنْ تُعِيذَهُ، لِأَنَّهُ اسْتَعَاذَ بِعَظِيمٍ، وَلِهَذَا لَمَّا قَالَتِ ابْنَةُ الجَونِ لِلرَّسُولِ : أَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ! قَالَ لَهَا: ((لَقَدْ عُذْتِ بِعَظِيمٍ؛ الْحَقِي بِأَهْلِكِ)) (٤).


(١) الصَّحِيحَةُ (٢٥٥).
(٢) مُسْلِمٌ (١٠٤٣).
(٣) رَوَاهُ البُخَارِيُّ (١٤٧٤)، وَمُسْلِمٌ (١٠٤٠) عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا.
(٤) البُخَارِيُّ (٥٢٥٤) عَنْ عَائِشَةَ .

<<  <  ج: ص:  >  >>