للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- التَّوَكُّلُ عَلَى غَيرِ اللهِ تَعَالَى يَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَينِ:

١ - التَّوَكُّلُ فِي الأُمُورِ الَّتِي لَا يَقْدِرُ عَلَيهَا إِلَّا اللهُ -كَالَّذِينَ يَتَوَكَّلُونَ عَلَى الأَمْوَاتِ وَالطَّوَاغِيتِ فِي تَحْصِيلِ مَطَالِبِهِم مِنْ نَصْرٍ أَو حِفْظٍ أَو رِزْقٍ أَو شَفَاعَةٍ- فَهَذَا شِرْكٌ أَكْبَرُ.

٢ - التَّوَكُّلُ فِي الأَسْبَابِ الظَّاهِرَةِ، كَمَنْ يَتَوَكَّلُ عَلَى أَمِيرٍ أَو سُلْطَانٍ فِيمَا أَقْدَرَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَيهِ مِنْ رِزْقٍ أَو دَفْعِ أَذًى وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ فَهُوَ نَوعُ شِرْكٍ أَصْغَرَ، مِثْلُ اعْتِمَادِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ عَلَى وَظِيفَتِهِم فِي حُصُولِ رِزْقِهِم، ولِهَذَا تَجِدُ الإِنْسَانَ مِنْهُم يَشْعُرُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ مُعْتَمِدٌ عَلَى هَذَا اعْتِمَادَ افْتِقَارٍ.

- الفَرْقُ بَينَ التَّوَكُّلِ وَالوَكَالَةِ: التَّوَكُّلُ هُوَ عَمَلٌ قَلْبِيٌّ، بَينَمَا الوَكَالَةُ -وَهِيَ جَائِزَةٌ- فَهِيَ إِقَامَةُ الشَّخْصِ غَيرَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ مُطْلَقًا أَو مُقَيَّدًا (١)، لَكِنْ لَيسَ لَهُ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَيهِ فِي حُصُولِ مَا وَكَلَهُ بِهِ اعْتِمَادًا قَلبِيًّا! بَلْ يَتَوَكَّلُ عَلَى اللهِ فِي تَيسِيرِ أَمْرِهِ الَّذِي يَطْلُبُهُ بِنَفْسِهِ أَو بِنَائِبِهِ، وَيَعُدُّ ذَلِكَ الشَّخْصَ مِنْ جُمْلَةِ الأَسْبَابِ الَّتِي يَجُوزُ فِعْلُهَا، فَيَكُونُ رَجَاؤُهُ وَدُعَاؤُهُ وَتَعَلُّقُهُ مَحْصُورًا فِي اللهِ تَعَالَى؛ بِخِلَافِ النَّوعَينِ السَّابِقَينِ.

- فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ فِيهَا وَصْفُ المُؤْمِنِينَ حقًّا بِخَمْسَةِ مَقَامَاتٍ مِنْ مَقَامَاتِ الإِيمَانِ، وَهِيَ الوَجَلُ عِنْدَ الذِّكْرِ، وَزِيَادَةُ الإِيمَانِ عِنْدَ سَمَاعِ القُرْآنِ، وَالتَّوَكُّلُ عَلَى اللهِ وَحْدَهَ، وَإِقَامَةُ الصَّلَاةِ، وَالإِنْفَاقُ لِوَجْهِ اللهِ تَعَالَى.


(١) أَفَادَهُ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي الفَتْحِ (٤/ ٤٧٩) فِي شَرْحِ كِتَابِ الوَكَالَةِ مِنْ صَحِيحِ البُخَارِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>